الخيال سر الإبداع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أعلم لِمَ يرى الكثيرون أن «الخيال» لا جدوى منه، دون أن يدركوا أن الإبداع كان نسجاً من الخيال يوماً ما قبل أن يكون في هيئته، فهو في قمة سلم الإبداع، بل ولولاه لما كان الإبداع.

وأغلب المبدعين من أصحاب الإنجازات والاختراعات رسموا أفكارهم في سحابة الخيال قبل أن يضعوها فكرة على الأوراق، ثم أصبحت واقعاً ناجحاً.

حين كنا صغاراً كان للخيال حيز كبير في حياتنا، ربما أخذ في التلاشي مع السنين لأولئك الذين لا يؤمنون بقدراته، ولأنه كان حاضرا في الحكايات الطويلة من لسان جداتنا وكذلك قصص أمهاتنا التي لم يغب عنها هذا الحس الخيالي، وكذلك في طريقة لعبنا ولهونا كان له أثره، فترانا نبني بيوتا من الطين صنعت في مخيلتنا ثم نقلناها لواقعنا الصغير. وحتى حين كنا نُسأل عن أحلامنا، وماذا نتمنى أن نصبح حين نكبر، ترى هالات على رؤوسنا ارتسمت وحملت خيالاً ضم شخصياتنا المستقبلية.

وتؤكد دراسات علمية أن ما تتخيله في عقلك اللاواعي «الباطن» وترسله إلى عقلك الواعي، يصبح إدراكه لعقلك وحواسك أكثر.. فلِمَ لا نتخيل ما نريد؟! ويقول الفيلسوف الألماني أينشتاين بأن الخيال أهم من المعرفة، لاسيما في وقتنا الذي أصبحت المعرفة سهلة الحصول، ولكن الخيال هو الوسيلة لتوظيف تلك المعارف لصالح الحقائق، ليعزز ذلك ما قاله جورج بيرنارد شو في أن الحياة يعيشها نوعان من الناس؛ أولئك الذين ينظرون إلى العالم كما هو، ويسألون لماذا؟ وهؤلاء الذين يتخيلون العالم كما ينبغي أن يكون ويقولون لم لا؟ الخيال هو إلهام للإبداع، وفن مخيلة الإنسان؛ فترى بصمته على إحساس الشعراء حين يترجمونه إلى أبيات شعر وينثرونه، كما وأنه رياضة الدماغ لتصفية الذهن وإعادة تجديده، فلا تقللوا من قيمة الخيال، تخيلوا دون أن تفرطوا، فالإفراط في الشيء لم يحمد يوماً، وإن لم يتحقق ما تخيلتموه فلا يعني أن الخيال لا جدوى من ممارسته، امنحوه جزءاً من وقتكم وسيذهلكم بعطاياه في مملكة تفكيركم، وتذكروا

أن ثلاثية العباقرة ملاحظة وخيال وحدس؛ فأطلقوا العنان لأفكاركم ولا تقيدوا سيلها.

Email