امنعوا الحوثية القادمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثبتت التجارب العربية الماثلة، أنه لا خلاص فردياً لأحد، فسفينة المنطقة العربية واحدة ، وإذا أحدث ركاب أسفلها خرقاً فيما يليهم، فسيغرقون جميعاً، بمن فيهم أعاليها. لقد أثبتت ذلك الحركات الدينية المتطرفة، سنية كانت أو شيعية، والشرّ كما قيل يعم بينما الخير يخص.

السودان من دول المنطقة التي تعاني، جراء الصراع الداخلي حول السلطة ونتيجة للنزاعات القبلية أيضاً، ثم من وطأة ضغوط الغرب والمنظمات الدولية، فكل ذلك أفرز واقعاً مريرا يقاسيه الانسان هنا. والإنسان الذي يعاني ويده في النار، لا يجب ان يأمن الناس شروره، لأنه مضطر، وبغريزة البقاء يفعل ما لا يفضله من كانت يده في الماء هانئ البال.

ومعلوم أن حاجة حكومة الخرطوم الى السلاح والمال من اجل البقاء في سدة الحكم، دفعتها الى الاستعانة بطهران التي انشأت مصانع السلاح وتحالفت مع الخرطوم منذ تسعينيات القرن الماضي، وأخيرا انحاز « نظام الانقاذ» السوداني الى حلف الخليج العربي، منذ انطلاقة الحرب في اليمن..

وهذا ليس بالقرار الهين الذي يمكن ان تسكت عنه طهران، بعد كل ما اغدقت من عطايا تروم بها الهيمنة على بقعة هي الأهم من اليمن وسوريا ولبنان بالنسبة لاستراتيجيتها الهادفة لوضع اليد على مكة والمدينة، فالمسافة بين بورتسودان ومكة حوالى 200 ميل بينما تبعد الرياض عن مكة اضعاف تلك المسافة، فما بالك ببؤر النفوذ الإيراني الأخرى. ايران سوف لن تترك السودان وشأنه، وستستبدل الحلف القالي بحليف أليف وبديل ناجع في اسرع وقت.

ولذلك فلا تستغربوا إذا قام انقلاب حوثي في السودان قريباً، فيما اذا جرى اهمال هذا الشأن حتى يقع، وإن وقوعه لقريب. السودان مضمون الولاء لمحيطه العربي، هو ذلك السودان المستقر سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وهذا لا يتأتى إلا من خلال خطة عربية جادة، لا تكتفي باستمالة طرف الحكومة بينما الاطراف المتنازعة تحفر وتتآمر ضد الدولة والسلام هناك ومعها القوى والمكائد.

المطلوب تحرك عربي سريع، يتسم بالجدية والارادة، من أجل تسوية النزاع السياسي، تمهيداً لخلق دولة مؤسسات وقانون، في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، فبهذه الطريقة نضمن سوداناً يعوّل عليه ويوثق به، فلا تستطيع ايران أو غيرها استعادة الهيمنة عليه. أعينوا السودان على أن يستعيد توازنه، بحل جذري، لكي لا يشكل شعثه وفقره خطراً على المنطقة.

Email