تطبيع العلاقات المصرية- الروسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

على هامش زيارة الرئيس بوتين لمصر نرى أن العلاقات بين القاهرة وموسكو تحتاج في ظل الظروف الراهنة إلى ما يشبه التطبيع، والمقصود هنا هو إعادة مناخ الثقة بين الطرفين، هذا المناخ الذي تغيب كثيراً منذ طرد الرئيس الأسبق السادات للخبراء السوفييت من مصر في يوليو 1972..

والآن رغم تأييد روسيا الكامل لمصر وثوراتها واستعدادها لتقديم الدعم والمساعدة لها، فإنها لا تستطيع أن تحدد حجم ما يمكن أن تعطيه لمصر، خاصة في المجالات العسكرية والاستراتيجية، إلا بعد أن تعرف مدى استعداد القاهرة لبناء علاقات جديدة وقوية مع موسكو، خاصة «بعد أكثر من ثلاثة عقود قضتهم مصر في أحضان واشنطن».

روسيا لن تتردد في التعاون مع مصر في كل المجالات المطروحة للبحث والنقاش بين الجانبين، لكن هناك أشياء هامة كثيرة تحتاجها مصر من روسيا، وربما لا تستطيع موسكو تقديمها لأسباب كثيرة، مثل عامل الثقة على سبيل المثال، إذ إن هناك في روسيا الآن «لوبيات» سياسية، وبعضها يرفض التقارب الروسي- العربي، وخاصة المصري..

وهؤلاء الذين يرفضون الموقف الروسي في سوريا لا يترددون في التشكيك في جدوى التعاون مع مصر التي، حسب قولهم «لم تخرج من عباءة واشنطن حتى الآن»، والبعض يطالب بالتعامل مع مصر بحدود، وخاصة في المجال العسكري، متحججين بأن العقيدة العسكرية المصرية التي ارتبطت على مدى العقود الثلاثة الماضية بواشنطن تختلف كثيراً، إن لم تتناقض مع العقيدة العسكرية الروسية.

مصر بحاجة لأشياء من روسيا أكثر حيوية وأهمية وإلحاحاً في الظروف الراهنة من الكثير من الأشياء المطروحة في وسائل الإعلام وعلى طاولات المباحثات، وربما من أهم ما تحتاج إليه مصر الآن من روسيا «التعاون الاستخباراتي» في ظل الهجمات الإرهابية الشرسة على الحدود الشرقية المصرية في سيناء، ولدى روسيا الكثير من الخبرة في هذا المجال، الذي ثبت فعالية تعاونها فيه مع سوريا.

ولدى روسيا أيضاً خبرات واسعة في التعامل مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وهي أول دولة صدر فيها حكم قضائي عام 2003 يعتبر «جماعة الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية، هذا إلى جانب عامل هام للغاية، وهو تطور العلاقات بين روسيا وإسرائيل لدرجة باتت تزعج واشنطن كثيراً، وهو الأمر الذي من الممكن أن تستفيد منه مصر كثيراً لتحقيق الأمن في سيناء وتنقيتها من الإرهاب.

 

Email