ثأر في فرنسا

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما كان النبي صلى الله عليه وسلم لينتقم من أهل الطائف حين رموه بالحجارة، ولا من أهل مكة الذين حاصروه وحاولوا قتله وتسببوا بخروجه.

هذه هي أخلاق النبي، وهي أخلاق التكوين والشخصية والرسالة أيضاً، والذين هاجموا صحيفة فرنسية وقتلوا العشرات وجرحوا من جرحوا ثأراً لإساءات تسببت بها الصحيفة للنبي، عبر نشر رسومات، لم يكونوا مخلصين، ولا خدموا الدين ولا احبوا النبي حق المحبة.

بماذا كان سيؤثر اي رسم على النبي الأعظم وهو قامة في تاريخ البشرية، وهل يؤثر عليه رسم او عداوة، وهو الموصوف بصاحب الخلق العظيم؟.

لو اطلق المسلمون في فرنسا حملة لوقف هذه الإساءات لكان احسن، لو اطلقنا حملة اعلامية وثقافية لرفع الظلم والإساءات عن سمعة النبي لكان افضل، لو رفعوا قضية ضد الصحيفة لكان افضل، أما ارتكاب هذه الجريمة، فسوف يزيد العداء للمسلمين، وسوف نسمع عن اهانة مسلمي اوروبا، وعن حوادث الايذاء، ولن تزيد الحادثة الا من كراهية المسلمين، لا من فهمهم وتفهمهم.

هذا ليس ثأرا للنبي صلى الله عليه وسلم، فالحادثة اثبتت للعقل الغربي، اننا نستحق كل ما يفعلونه بنا، من قتل عبر التاريخ، ونستحق كل مطاردة واضطهاد وتضييق.

كل هذا مسيء لجوهر الدين، ولو كان النبي يثأر من احد لثأر ممن اخرجوه من بيته أولا، فأين كانت بصيرة مرتكبي الجريمة، حين ظنوا انهم يدافعون عن دينهم بهذه الطريقة، وهم يتسببون برد فعل كبير ضد كل المسلمين في العالم، ولدينا ملايين المسلمين الذين هاجروا من ديارهم، إلى «ديار الكفر» بحثا عن امن وخبز، فإذا بنا نلحقهم وندمر حياتهم بكل هذه الحمية الجاهلة!.

 النبي اكبر من رسم كاريكاتير، واعظم مقاما من ناقد وجارح، ولو كان بيننا لما قبل ان يتم الثأر له بهذه الطريقة أساسا، ونحن لا نفرط بمحبته ولا بالغيرة عليه، ولا نسامح بحقه، لكننا نحسب بحق اذا ما كان الفعل مناسب للجريمة الأصلية، وارتداد الرد بهذه الطريقة، على سمعة النبي ذاته، وسمعة المسلمين، وامنهم وحياتهم في الخارج.

اذا كانت تلك «ديار كفر» فالأصل أن تهجروها لأنها تمسنا في عقيدتنا، وان تعودوا إلى «ديار الإيمان» التي هجرتموها وستجدون الأمن والخبز وحقوق الإنسان، وستجدون الفرصة أيضا لتصحيح اخلاقنا كمسلمين قبل ان نبدأ بملفات غيرنا!!.

 

Email