أوكرانيا المفلسة والغرب المتأزم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أوكرانيا المنقسمة الآن قسمين، غربي موال لأوروبا وواشنطن، وشرقي موال لروسيا، جرت في قسمها الغربي الأسبوع الماضي انتخابات برلمانية تنافست فيها الأحزاب على رفع شعارات الولاء للغرب والهرولة نحو أوروبا بعيداً عن روسيا، ومنها الحزبان اللذان يترأسهما الرئيس الحالي بوروشينكو ورئيس الوزراء ياتسينيوك، والاثنان صرحا بأن هدفهما الأساسي هو دفع أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي، وأن هذا هو الحل لكل مشاكل أوكرانيا.

من المعروف أن أوكرانيا الآن تعاني من حالة إفلاس وانهيار اقتصادي، وليس لديها من المال ما يكفي لدفع رواتب الموظفين في المؤسسات الحكومية، وعليها ديون خارجية مستحقة تتجاوز المائة مليار دولار، ومن المعروف أيضا أن أحوال الأوروبيين الاقتصادية في ظل ظروف الأزمة المالية لا تسمح لهم بمساعدة أحد، خاصة وأنهم لم يستطيعوا مساعدة أنفسهم داخل الاتحاد الأوروبي..

وهذا ما قالته صراحة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في رفضها تقديم مساعدات مالية لأوكرانيا لسداد ديونها لروسيا مقابل حصولها على الغاز الروسي، والتي تتعدى الأربعة مليارات ونصف المليار دولار مستحقة الدفع قبل نهاية العام، حيث قالت ميركل صراحة «إن العمل الخيري الأوروبي لن يذهب بعيداً بهذا الشكل»..

ولا توجد حكومة واحدة في أوروبا تملك أن تساعد أوكرانيا بشيء من أموال دافعي الضرائب من شعبها، وإلا عرضت نفسها للخطر، أما واشنطن فليست على استعداد لتحمل مسؤولية الاقتصاد الأوكراني المنهار ولا سداد ديون أوكرانيا لروسيا عن الغاز، رغم علمها أن عدم سداد هذه الديون سيعني انقطاع الغاز الروسي وتجمد كييف في صقيع الشتاء، لكن واشنطن في نفس الوقت على أتم الاستعداد لإمداد كييف بالسلاح لتحارب به الانفصاليين في الأقاليم الشرقية، فالسلاح هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن تساعد به واشنطن الآخرين.

رغم هذا يرفع الذين استولوا على السلطة في كييف شعارات الابتعاد عن روسيا والهرولة نحو الغرب والاتحاد الأوروبي، بينما الغرب يرفض حتى دفع أربعة مليارات دولار لإنقاذ أوكرانيا من صقيع الشتاء، وماذا سيفعل الغرب مع الاقتصاد الأوكراني المنهار، والذي كان يعتمد في الأساس على السوق الروسية ومساعدات روسيا للشعب الأوكراني باعتباره شقيقاً تاريخياً للشعب الروسي.

المشكلة في أوكرانيا أن إيمان السلطة في كييف بالغرب وولاءها له أكبر بكثير من إيمانها وولائها للشعب الأوكراني الذي لا تشعر هذه السلطة بالانتماء إليه.

 

Email