تيه سيناء!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل محاولات استدراج الجيش المصري خلال السنين الفائتة، لإلحاقه بالجيوش الذبيحة، من العراقي والسوري وغيرهما، لم تنجح، غير أن السعي ما زال مستمرا بكل الوسائل. الحاضنات العربية التاريخية، التي عمرها يمتد آلاف السنين، ثلاث؛ بغداد والشام (دمشق) والقاهرة، ولأن العراق وسوريا تم تدميرهما بوسائل مختلفة.

وتم تحطيم الجيشين السوري والعراقي، تحت وطأة الاحتلالات تارة، والتقسيم والصراع المذهبي والطائفي، والاستدراج إلى تيه الصراعات الداخلية، فقد بقي الجيش المصري، حتى الآن، عصيا على التحطيم، والمسعى لدفعه نحو المنزلق ما زال في عزّ قوته.

من السطحي هنا، البقاء في خانة التمترس السياسي، والاستغراق فقط في الكلام عن أخطاء السياسة في مصر، أو أي بلد آخر، فمصر باعتبارها حاضنة تاريخية، كانت عصية على الانشطار الديني، مسلمين وأقباطا، وكانت عصية على الحرب الأهلية.

فيما محاولات زج الجيش المصري واستزاف قوته في حرب داخلية، ما زالت مستمرة، لأن تحطيم الجيش المصري سوف يتمم مخطط تدمير الحاضنات الثلاث، فيصير المشرق العربي ذبيحا بحق، وبلا أي سند أو سوار حماية.

الجيوش ليست للأنظمة، هنا، هي لهذه التكوينات التاريخية، وشماتة بعضنا بما يتعرض له الجيش المصري من قتل لأفراده في سيناء، تنم عن غباء عميق، لأن الجيش فوق المغزى السياسي، وهو يمثل مصر تكوينا وشعبا، وإطالة اللسان على الجيش المصري، وإهانته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نراها كل يوم عبر الاستهزاء به ورسم صورة مهينة له، في سياق الانقسامات السياسية في مصر.

غير أن هذا الفعل مذموم للغاية، لأن تحطيم صورة الجيش المعنوية يراد منها هنا، التوطئة لتحطيم ذات بنية الجيش واستدراجه لاحقا في حرب داخلية، تختطفه في المحصلة إلى ذات مصير الجيشين العراقي والسوري.

حين كنا نقول إن الحاضنات التاريخية الثلاث مهددة، وتحت الحرب، ويراد تدميرها الواحدة تلو الأخرى، بوسائل مختلفة، كان البعض يستغرق فقط في الاصطفافات الصغيرة، ولم يكن كثيرون يتنبهون إلى مآلات هذه الصراعات، أي تدمير بنية أهم ثلاث حاضنات تاريخية عربية، جذرها يمتد آلاف السنين.

 يراد اليوم استدراج الجيش المصري إلى حرب في سيناء، مرحلة نحو حرب أكبر في كل مصر، والغاية استنزاف جيش مصر وإلحاقه بسابقيه، وبحيث يتحول المشرق العربي إلى مجرد دكاكين صغيرة مقسمة مفتتة، بلا سوار حماية عسكري أو اجتماعي أو ديني، فيما سيصحو المطبلون لهذه المواجهات باعتبارها ثأرا مشروعا، بعد أن تخسر المنطقة كل مصادر قوتها.

Email