لماذا العداء لروسيا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الواضح أن هناك إصراراً من واشنطن وحلف الناتو على تصنيف روسيا كعدو ومصدر تهديد للأمن والسلام، وهذا الإصرار لم ينعكس فقط على تصريحات الرئيس أوباما التي وضع فيها روسيا في الترتيب الثاني ضمن مصادر تهديد السلم والأمن الدولي، بعد وباء إيبولا، وقبل المنظمات الإرهابية كداعش والقاعدة وغيرها..

بل أيضا في تصريحات مسؤولين آخرين في واشنطن وفي قيادة حلف الناتو، وآخرها منذ أيام حديث وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل في المؤتمر السنوي للجيش الأميركي حول «ضرورة إعداد الجيش للتعامل مع أسلحة القوات الروسية الحديثة ذات القدرة القتالية على عتبة حلف الناتو»، ووصف هاغل روسيا بالعدو العسكري.

مواقف غريبة ليس لها أي مبرر أو تفسير، سوى أن هناك شيئا ما خفيا تسعى له واشنطن من وراء تصعيد العداء مع روسيا، إذ إن السياسة الروسية الآن، ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، لا تشكل أي تهديد لأحد في العالم كله، اللهم إلا تهديدا لمصالح خاصة لدى جهات تسعى لإشعال الحروب وتفجير الاضطرابات والصراعات ونشر الفوضى في ربوع العالم، وهذه الجهات معروفة الآن للجميع، وليس منها روسيا بالقطع. من الواضح أنه ليس هناك في العالم اليوم أي نقطة للتوتر دون وجود الجيش الأميركي..

حيث تنتشر الفوضى الدموية تحت الشعار الزائف «نشر الديمقراطية»، والأمثلة كثيرة: العراق وليبيا وأفغانستان وسوريا، وحتى الأحداث المأساوية في أوكرانيا لم تخل من التوجيه العلني من قبل القيادة المركزية في واشنطن.

روسيا لم تدعُ قط لقتال خارج أراضيها، بل دائما تدعو للحوار بين جميع الأطراف، بما فيها حتى الأطراف التي ترى موسكو أنها غير شرعية، وهذا ما حدث في سوريا وأوكرانيا وغيرهما، وحتى مع واشنطن نفسها لم تكف موسكو عن دعوتها للحوار، إذاً لماذا كل هذا العداء؟

من الواضح أن الجهات التي اعتادت الارتزاق على الحروب والفوضى والقتل، تشعر أن عدوها المصطنع الذي أسمته بـ«الإرهاب الدولي» قد بات على وشك التآكل والتلاشي بعد أن انكشفت خدع تصنيعه، وبات من الضروري البحث عن عدو آخر أكثر واقعية ووضوحا، ويبدو أن روسيا، التي نشرت واشنطن نفوذها في العالم كله على أساس العداء معها على مدى عقود الحرب الباردة الماضية، قد باتت هي المرشحة للعب دور العدو الجديد.

Email