صناعة الوعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يمكن للدول أن تبقى على منصة الإدانة لما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، باعتباره مجرد إشاعات، يراد منها التشكيك والطعن، وصناعة وعي زائف نحو غاية محددة.

الإدانة هنا، أو شرعنة العقوبات، في حالات ضد مستعملي التواصل الاجتماعي، لا يؤديان فعلياً، إلى نتائج حاسمة، لأن الإدانات لا يسمعها أحد، مثلما أن شرعنة العقوبات تمس جمهورا محدودا يمكن ضبطه باعتباره متوفرا تحت مظلة هذه الدولة أو تلك.

لكنك في حالات أخرى، تواجـــه انفــلاتاً خطيراً، فأصحاب الحسابات يعيشــون في كل الدنيا، ولا تخيفهم شرعنــة العقــوبة ولا نوعيتها، وصفـــحاتهم متاحة، ولا يمكن حجبها أيضا، والتـــنديد بالمــضمون مؤثر جزئيا، لكنه غير ــــكاف لقطع شجرة الشوك من أساسها.

هذا يعني أن الدول اليوم بحاجة إلى إدارات كبيرة ومتخصصة في التعامل مع التواصل الاجتماعي، وبطرق مختلفة عن السائد، لكننا في العالم العربي نرد على الإشاعات وتشويه السمعة والحملات بأخبار ذات جدية ولا تخلو من صدقية، لكن السؤال يتعلق بمدى قدرتها على التأثير وسط هذا السيل من الكلام.

كل هذا يقول إن الدول عليها أن تجدد من وسائلها، ومن مضمون أخبارها، وطريقة العرض، وإيجاد شبكات كاملة قادرة على استرداد الوعي، في حالات اختطافه، واستباق هذه المحاولات بمنع الاختطاف من أساسه، عبر إدارات معلوماتية تعرف كيف تسرب المعلومة وكيف تقوم بنقلها وجعلها قابلة للتداول ومنع إحلال أي زيف مكان الحقيقة.

في كل الحالات هذا واقع مستجد، وثبت أنه مؤثر جمعياً ويقود عقل الجمهور كما القطيع نحو ضلالات في حالات كثيرة، ولا يمكن هنا أن تتم مواصلة التعامل مع هكذا وضع بشتم المضللين فقط، أو تحذير المتلقين، فلابد من أن تكون هناك صناعة للوعي، رداً على تزييف الوعي، أو اختطافه إلكترونياً.

صناعة الوعي في هذا التوقيت تصون الدول والشعوب معاً.

 

Email