بان كي مون لا يجامل روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانفراد الولايات المتحدة على الساحة الدولية، باتت وظيفة المنظمات الدولية وموظفيها الدوليين صعبة للغاية، إذ بات عليهم أن يخدموا مصالح القطب الأوحد لينعموا برضاه عنهم، ومنصب الأمين العام للأمم المتحدة ليس استثناء من هذه القاعدة، بل تجسيد واضح لها، ولم نر أحداً من الثلاثة، الذين شغلوا هذا المنصب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وهم بطرس غالي، وكوفي عنان، وبان كي مون، أخذ أي موقف ضد الولايات المتحدة، وفي المقابل لم نر أحداً منهم مدح روسيا أو أشاد بها في مواقف مضادة لواشنطن، لكن يبدو أن الحقيقة أحياناً تفرض نفسها ولا تقبل الإنكار، حتى في أشد المواقف حرجاً.

العلاقات الأميركية- الروسية الآن في أسوأ أحوالها، خاصة بعد اشتعال الأزمة في أوكرانيا، وليس هناك أكثر من وصف الرئيس أوباما لروسيا من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ أيام، بأنها أكثر تهديداً للسلام والأمن الدولي من داعش وباقي التنظيمات الإرهابية! ومن المفترض أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يساير واشنطن في هذا الاتجاه، أو على الأقل لا يناقضها..

لكن لأن الحقيقة أحياناً تكون أكثر وضوحاََ من ضوء الشمس، فإن بان كي مون لم يستطع إخفاءها أو حتى التغاضي عنها، بل صرح منذ أيام قليلة أمام وسائل الإعلام بتصريحات ذات معانٍ ودلالات قوية للغاية، حيث قال «لا أستطيع أن أنكر أهمية الشراكة الوثيقة بين روسيا والأمم المتحدة في تأمين سيادة القانون في العلاقات الدولية وتشجيع السلام والأمن الدوليين، وأنا شخصياً أثق بدعم روسيا لجهود المنظمة في مواجهة التحديات الدولية والإقليمية، ودورها الخاص في احتواء الأزمات».

تصريحات بان كي مون التي لم تعِرها وسائل الإعلام الغربية أي اهتمام، لا يمكن التعامل معها على أنها مجاملة لروسيا، خاصة في مثل هذا التوقيت الذي تُهاجم فيه روسيا بشدة من الغرب وتوصف بالإرهاب، بل هي الحقيقة التي يستحيل إخفاؤها، ولا يمكن لبان كي مون أو غيره أن يقول هذا الكلام عن الولايات المتحدة الآن بالتحديد، وإلا بدا منافقاً للغاية.

العالم كله يعلم جيداً، من يعمل من أجل السلام والأمن الدولي، ومن يعمل ضده، ومن يحترم القانون الدولي ومن لا يحترمه، ومن يدعم الإرهاب ومن يكافحه.

 

Email