عقوبات غبية ضد روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

العقوبات التي فرضتها واشنطن والاتحاد الأوروبي ضد روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا، لا أجد لها وصفاً مناسباً ومهذباً أكثر من أنها عقوبات «غبية»، بينما وصفها السيناتور الأميركي اليميني المحافظ جون ماكين، الذي لا يخفي كراهيته الشديدة لروسيا ورئيسها بوتين، بأنها «عبث أطفال»، لأنه كان يرغب في عقوبات أكثر شدة وفاعلية.

وأثناء زيارتي الشهر الماضي لروسيا، تابعت ردود الفعل لدى الشعب الروسي على هذه العقوبات التي لا يشعر الروس بأي تأثير لها في حياتهم، وكان البعض يتصور أنه بغياب السلع والمنتجات الأوروبية من الأسواق الروسية، ستعود روسيا لأزمات سنوات ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، عندما كانت الطوابير الطويلة تصطف على محلات الخبز والحليب والسلع الغذائية.

لكن العكس تماماً هو ما يحدث الآن في الأسواق الروسية، التي انفتحت بشكل كبير أمام السيل الجارف من المنتجات والسلع الغذائية المحلية والقادمة من أسواق الدول الأخرى، من كل قارات العالم، حتى من أميركا اللاتينية البعيدة، التي فرحت بالعقوبات الغربية ضد روسيا، لأنها فتحت لها المجال لدخول السوق الروسية العملاقة، وأكثر المستفيدين من هذه العقوبات جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق المحيطة بروسيا، والتي لا تجد لمنتجاتها الزراعية أسواقاً أخرى مثل روسيا، وكانت تتعرض لقيود كثيرة لدخولها، وتواجه منافسة قوية من السلع الأوروبية، والآن تم تخفيف القيود عنها، واختفت السلع المنافسة لها.

حتى الدول العربية، بادر بعضها للاستفادة من العقوبات الغربية، وشرعت في تصدير منتجاتها لروسيا، حيث شاهدت الفواكه والخضراوات المصرية في أسواق موسكو والمدن المجاورة لها، بينما صرح وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي أثناء زيارته منذ يومين لموسكو، بأن بلاده مستعدة لتصدير عدد كامل من السلع التي كانت تحصل عليها روسيا من بلدان الاتحاد الأوروبي.

الأوروبيون لا يستطيعون التمادي في العقوبات أكثر من هذا الحد الساذج، وإلا سيدفعون الثمن غالياً، وبوتين قال إن أي شركة غربية تلتزم بالعقوبات، لن يكون لها مكان بعد الآن في السوق الروسية، بل زاد بوتين على عقوبات الأوروبيين الغبية بقراره منع استيراد أي سلع ومنتجات من الدول التي ستنضم للعقوبات. الأمر ليس فقط قوة من روسيا، بل هو بالفعل غباء من الأوروبيين الذين ينصاعون لتوجيهات واشنطن، حتى لو كانت ضد مصالحهم.

 

Email