دولار كافر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت في نيويورك، خلال شهر يناير هذا العام، وذهبت لحضور جلسة مجلس الأمن في الأمم المتحدة، في دورته الساخنة المنعقدة لأجل سوريا، وهي سخونة لم تخفف منها منخفضات الثلج على المدينة وطرقاتها.

وعلى هامش جلسات مجلس الأمن، وفي أوقات الفراغ، كنا نخرج إلى المدينة، وذات مرة أوقفت سيارة تاكسي، وسائقها آسيوي مسلم وقد اطلق لحيته بشكل جريء، وخلال الطريق كنا في سؤال وجواب، فعرف انني عربي ومسلم، فلم يتردد بالبدء في شتم أميركا، قائلاً إنها كافرة ولابد من حرقها، فقلت له ان هذا لا يصح، فما ذنب الابرياء؟

واذا كانت تلك ديرة كافرة، فلماذا هربت إليها من بلادك، التي اضطهدتك ولم تقدم لك شيئاً، مثل ملايين العرب والمسلمين الذين هاجروا إلى الغرب، فحصلوا على جنسياته، وحقوق هذه الجنسيات وعاشوا عيشاً كريماً. لم يستوعب قولي ان هذه ديرة أمنته وحمت عائلته، وأن موقفه السياسي لا يعني ان يتمنى حرقها، والموقف يدار بطريقة دون توعد الابرياء، خصوصاً انه يجمع دولاراتهم الخضراء ويصبها في حساباته، لكنه آخر الليل يتذكر فجأة انها ديرة كافرة لا بد من حرقها.

وإذ أوصلني إلى عنواني، زدته بضع دولارات على حسابه، عامداً، فتبسم برضى في وجهها، فاللحظة لا تسمح إلا بقبول الدولار الكافر، وما زلت أظن حتى اللحظة ان الرجل إما مخبول، وإما مندس في شوارع نيويورك من قبل السي آي ايه، مثل كثيرين، لرصد المسلمين وتفوهاتهم.

الذي تسمعه عن آلاف الأشخاص من الجيل الثالث من المسلمين في الغرب، اذ يتركون تلك الدول ويتوجهون للحرب في المنطقة، مثير حقاً، لأن هذه الدول لا ينقصها محاربون من داخلها، فوق ان كلفة سفر هؤلاء كبيرة على سمعة المسلمين في العالم، وهم هنا يتسببون في ايذاء مسلمي الغرب، وأغلبهم هاجر قهراً إلى ديار قدمت لهم كل شيء، ويتناسون الأضرار التي يرمونها على وجوه المسلمين في كل مكان، واذ ترى فيديو قتل الصحافي الأميركي، والبريطاني المسلم الذي إلى جواره، تعرف ان المشهد مكلف فوق دم الضحية البريئة، اذ على المسلمين في الغرب ان يستعدوا، كما العادة، لموجات اللعن في تلك الديار، فوق أن الجريمة لم تحدث إلا بعد موجات التعاطف الشعبي الغربي مع ضحايا غزة، فأعيد تذكيرهم بأن المسلمين يستحقون الذبح والقصف والإبادة! ديرة كافرة.. ربما، وبما انها كذلك، عليك أن تعود وعائلتك إلى ديرة الإيمان، لتتنعم ببركاتها وعدلها وأمنها ورزقها واستقرارها!.

Email