التجربة الروسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك تشابه إلى حد ما بين الحالة في عدة دول عربية حالياً وحالة روسيا عام 2000 بعد عشر سنوات من حكم الرئيس الراحل بوريس يلتسين، حيث ورث بوتين تركة ثقيلة واقتصاد شبه منهار، بعد أن استولت جماعات على ثروات البلاد وتركوا الروس يعانون الفقر والتسول.

والغريب أن هذه الجماعات هي التي أتت ببوتين وقدمته للرئيس يلتسين ليرشحه لخلافته، ووضعت الأمل عليه حتى يحافظ لها على أمتيازاتها وثرواتها، لكن لم يمض عامان، حتى شن بوتين حملة على هذه الجماعات التي استحوذت على ثروات قدرها البنك الدولي بنحو ثلاثة تريليونات من الدولارات.

فهرب منهم من هرب إلى بريطانيا وإسرائيل أمثال بيرزوفسكي الذي رشح بوتين لخلافة يلتسين، واستسلم منهم من استسلم للقانون وسدد حقوق الدولة في ثرواته، أمثال أبراموفيتش ودرباسوف، وخضع للمحاكمة من رفض أمثال خودركوفسكي الذي حكم عليه بالسجن 14عاماً لتهربه من دفع 20 مليار دولار ضرائب.

بوتين لم يصادر ثروات هؤلاء ولم يؤمم شركاتهم، بل لم يحاكمهم على جرائم قتل وسرقات وغيرها ارتكبوها خلال التسعينات، كل ما فعله أنه طالبهم بحق الدولة من الضرائب التي لم يدفعوها لسنوات، وعاملهم بالقانون، ولهذا لم يوجه له أحد أي انتقاد أو هجوم إلا بعض خصومه التقليديين في واشنطن.

التشابه بين الحالة في دول عربية عديدة وتلك الروسية لا يعني اتهامي لاحد ، فالفارق كبيرفي العالم العربي بينهم وبين رجال الأعمال الروس ، ولكن التشابه عندي هو بين حالتي الاقتصاد في بعض الدول العربية والاقتصاد الروسي، وبين تمركز الثروات في الحالتين، وبين شخصية بوتين وشخصيات اخرى تفيض بالوطنية وحب الشعب ونقاء اليد والتصميم على النهوض بالبلاد، وقادرة على الاستفادة من اموال هؤلاء عبر تطبيق ذات الانموذج.

لقد نجح بوتين في روسيا نجاحاً شهد له العالم كله، وشبهته مجلة «التايم» الأميركية بالمعجزات عندما اختارت بوتين شخصية العام 2007، واستطاع في غضون أعوام أن يصعد بروسيا من الترتيب 68 بين اقتصادات العالم إلى الترتيب السادس عالمياً ليزيح بريطانيا للترتيب السابع.

ولدينا دول عربية ليست فقيرة، ولديها من الإمكانيات الكثير، وتحتاج للإدارة الحاسمة التي تطبق القانون على الجميع وبحزم شديد، وأعتقد أن هذه العواصم والدول مؤهلة لهكذا دور.

 

Email