حسابات الإقليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

العدوان على غزة، ليس مجرد عدوان إسرائيلي، والمشهد ليس مجرد صواريخ ومقاومة وشعب يقدم الشهداء والجرحى.

هناك مكاسرة إقليمية ولكل طرف في الإقليم منافعه وحساباته في هذه الحرب، وهذا لا يلغي قيمة الشهادة، ولا دماء الناس، لكننا نؤشر فقط، على حسابات الإقليم في غزة. أول محور له حساباته في هذه الحرب، محور تركيا قطر الإخوان المسلمين، وهم يريدون لهذه الحرب أن تعيد قوة معسكرهم في مصر والأردن وفلسطين، ودول أخرى، وفي التوقيت ذاته يريدون إرباك مصر الرسمية، ومعاقبتها على ما جرى لمرسي، بتفجير هذا الملف في وجه الرئاسة المصرية الجديدة، وإحراجها، مصرياً وعربياً وإسلامياً.

ثاني محور يستفيد أيضاً من هذه الحرب، المحور الإيراني السوري حزب الله، لأن الضغط سينخفض ضده في هذا التوقيت، وسيؤكد ضمنياً أيضاً، أن الحرب على هذا المعسكر بوسائل كثيرة، بعضها من المحور الأول الذي يدعم حماس، حرب لابد أن تتوقف، باعتبارهم البدلاء في هذه الحالة ولو خلال التوقيت الجاري، وهو أيضاً يريد تسوية أموره إقليمياً، على أساس إجبار مراكز العالم على إعادة النظر بكل هذا الدعم الضمني للجماعات الإسلامية من قاعدة وداعش وغيرهما، باعتبار أن هذه القوى ممولة أحياناً، ومدارة أحياناً من المحور الأول، وفي النتائج الثانوية يراد إعادة التموضع مع حماس، ما بين تأديبها أو حتى ردها إلى ذات خيمة المحور الثاني.

المحور الثالث الإسرائيلي ذاته لأنه أعاد رص الصفوف وراء نتانياهو، وألغى ضمنياً احتمال انطلاق انتفاضة ثالثة أمام الذبح الهمجي، ومنح إسرائيل الفرصة كاملة لتطهير غزة من سلاحها، في ظل توقيت يقول إن إمكانية تعويض السلاح تبدو قليلة، في ظل الإغلاقات المصرية، والبرود مع المعسكر الإيراني، وأزمة حاضنة حماس، أي الإخوان المسلمين.

المحور الرابع الذي قد يستفيد أيضاً من حرب غزة، محور رام الله، الذي يريد التخلص كلياً من عقدة حماس، لاعتباراته السياسية والجغرافية، والأمنية أيضاً، وهو لا يجرؤ على الإعلان جهاراً عن ذلك، وهو قد توحد للتو في شكل حكومي مع حماس. هذا لا يعني أننا نقول إنها مجرد مسرحية، هي مذبحة بحق، يدفع فيها الفلسطيني الثمن كالعادة، لكننا نؤشر فقط، على الحديقة الخلفية لحرب غزة، وكيف ينظر إليها كل طرف، وفقاً لحساباته، وهذا كلام لابد أن يقال؟!

سياسياً، توظف الحروب والدماء، دوماً، لكننا نريد لمرة واحدة فقط، أن يصب هذا التوظيف كلياً وحصرياً لصالح الشعب الفلسطيني فقط.

Email