رهان السيسي على شعب مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرارات التي اتخذها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برفع أسعار الكهرباء، والمواد البترولية يمكن، بلا مبالغة، وصفها بأنها قرارات «انتحارية»، أو على أقل تقدير مجازفة كبيرة، لا يقدم عليها أي حاكم في العالم، خاصة في ظروف استثنائية، وغير عادية، مثل التي تمر بها مصر الآن، حيث تأتي هذه القرارات، التي تمس بشكل مباشر حياة الأغلبية من الشعب المصري من الفقراء وذوي الدخل المحدود..

والشارع المصري في حالة غليان مستمر، منذ ثلاثة أعوام، كما أنها تأتي قبل نهاية المئة يوم الأولى من حكم الرئيس، التي عادة يحرص فيها الرؤساء الجدد على إعطاء مؤشرات للتفاؤل ،وتحسن الأحوال، وتأتي أيضاً في ظل دعاية مكثفة من جهات داخلية، وخارجية كبيرة، تبث سمومها لحث الشعب المصري على الثورة ضد نظام حكم السيسي.

هذه القرارات جاءت نتيجة قناعات شخصية لدى الرئيس السيسي بأن البداية الصعبة، والواقعية هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح، وهذا في الواقع رهان كبير جداً من السيسي على شعبيته، وعلى قناعاته، وإيمانه بأن الشعب المصري لن يخذله، ولا شك في أن أعداء مصر في الداخل والخارج أصابتهم الدهشة والفرحة في الوقت نفسه من هذه القرارات، واعتبروها بداية النهاية للنظام الجديد الذي يهدد مصالحهم في مصر، خاصة أن السيسي لم يَعِد الشعب بفك الأحزمة قريباً، بل توعدهم بمزيد من التقشف والقرارات المماثلة على مدى السنوات الخمس المقبلة.

لا شك في أن جماعة الإخوان وحلفاءهم في الداخل والخارج توقعوا تظاهرات واحتجاجات عارمة في الشارع المصري ضد هذه القرارات، لكن صدمتهم جاءت سريعة وقوية عندما وجدوا الاستجابة الإيجابية من أغلبية الشعب المصري لهذه القرارات، هذه الاستجابة التي أعطت المؤشر الواقعي على أن مصر تضع أقدامها على الطريق الصحيح،...

وأن القيادة الجديدة تحظى لدى الشعب بثقة كبيرة، لم يسبق لأي قيادة مصرية أن حظيت بها، ونذكر بأن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عزل حكومة زكريا محيي الدين بسبب «نصف قرش» زيادة في سعر الأرز، وأنور السادات كاد يهرب مع أسرته، بسبب احتجاجات الشعب على قرارات مماثلة عام 1977، واضطر لإلغائها. رهان السيسي ليس غريباً عليه، وهو الذي سبق أن راهن على مستقبله وحياته في يوليو العام الماضي، عندما تصدى لحكم جماعة الإخوان، ولكل الضغوط الخارجية، وكان الشعب عند حسن ظنه، ولبى نداءه.

Email