البرلمان المصري.. إنذار أخير

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

تشكل الانتخابات البرلمانية القادمة في مصر، خطوة تاريخية واختباراً لكافة القوى السياسية الموجودة على الساحة، ولا يخفى على أحد مدى ضعف التيارات السياسية من أحزاب وغيرها، وافتقادها للقواعد الشعبية، وهذا واقع نعلمه جميعاً ونعيشه منذ أن ظهرت الأحزاب على الساحة المصرية في السبعينيات بقرارات علوية من النظام، وظلت تعتمد في أنشطتها وتأسيس مقراتها وإصدار صحفها على الدعم المالي الذي كان مقرراً لها من النظام، وكان هذا الدعم هو شغلها الشاغل، ولم يكن يهمها الشارع المصري في شيء لأن كل شيء كان بيد النظام، وهو الذي كان يحدد لهذه الأحزاب حجم أنشطتها ومجالاتها وعدد مقاعدها في المجالس النيابية.

ومن الخطأ تصور أن سقوط حكم الإخوان يعني أن هذا التيار قد سقط وذهب بلا رجعة، وما يحدث على الساحة الداخلية في مصر هنا وهناك يعني أن هذه القوى والتيارات موجودة وبفاعلية كبيرة، ومن الخطأ أيضاً أن نتصور أن المسجونين من قيادات جماعة الإخوان هم القيادة الفاعلة والأساسية لهذه الجماعة، بل هم في الحقيقة أفراد موجهون من الخارج لهم أدوار محددة، وهذه الأدوار انتهت ولم تعد لهم قيمة، أما القيادات التنظيمية الفاعلة الآن للجماعة ولباقي التيارات المتأسلمة الموجودة على الساحة في مصر وفي سيناء خاصة، فهي موجودة وتدير وتوجه هذه التيارات، وهي التي توفر لها الدعم المادي والسلاح والمتفجرات وغيرها.

التيارات المتأسلمة تعلم جيداً مدى ضعف الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى والانقسامات والخلافات بينها، وتعلم أن القاعدة الشعبية التي التفت حول السيسي وأتت به للرئاسة لن تتفق على تيار سياسي محدد، والسيسي نفسه لن يدعم تياراً معيناً لأنه رئيس للجميع، والفرصة مواتية لهذه التيارات المتأسلمة في ظل غياب حزب للسلطة، والإخوان وأمثالهم ممن يؤيدونهم، لديهم خبرة كبيرة في التعامل مع الشعب المصري ولهم حضور في كل مكان في مصر. ورغم ما تمارسه هذه التيارات من أعمال إرهابية يومية..

فإن لديها أساليبها ووسائلها الخاصة للوصول للعامة من الشعب وحشدهم في الانتخابات، وسوف تركز كل جهودها لتحصل على عدد من المقاعد في البرلمان يسمح لها بالعودة لممارسة أدوارها السابقة. وإذا لم تتحالف كافة الأحزاب والقوى السياسية الأخرى في جبهة واحدة وتترك المصالح الخاصة بها، فستكون نتائج الانتخابات البرلمانية صادمة، وستشكل عقبة كبيرة أمام خارطة المستقبل في ظل الصلاحيات الدستورية الجديدة للبرلمان.

 

Email