جاهلية ليست كسابقتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الجاهلية الأولى كان العرب يقتتلون بشدة، وسفك الدم، لأسباب تافهة، ليس سراً، غير أن أخلاقيات العرب في الجاهلية كانت مرتفعة، إذ يتوقفون عن القتال في أشهر معينة، باعتبار أن القتال محرم فيها، وهذا قبل الإسلام، كان معروفاً. القتل باسم الله، في كل مكان، وصراع الرايات المقدسة في كل موقع، والذبح الديني والمذهبي، عنوان، والكل يدعي انه يمثل الله، وانه الناطق باسم السماء، على الأرض. الصراع على مقعد في الجنة، حرق الأخضر واليابس في الدنيا، والمفارقة أن الكل يعتقد انه يرضي الله وسط هذه المذابح ، والأغلب أن الجميع لا مكان لهم في الدنيا، وغيبهم غامض.

أخلاقيات العرب في جاهليتهم الأولى، تقول إن جاهلية هذه الأيام، أشد وطأة، فالأولى كانت محكومة بقواعدها الخاصة، فيما جاهلية اليوم، تأتي وبين الناس، النص الديني والموروث الذي يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقبل الثأر من أهل مكة إذ عاد إليها، ولم يقبل أن تتم معاقبة أهل الطائف، على رجمهم إياه.

بالمقابل لا يتوقف العرب اليوم، عن القتل والتذبيح، لا في رمضان المطل علينا، ولا في غير رمضان، والمفارقة انك تجد أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، يعمد إلى وقف عملياته في رمضان، أو يخففها في حالات كثيرة، حتى لا يستثير غضب المسلمين، إذ يقتل في رمضان، باعتباره موسماً مقدساً وشهراً له مكانته.

نكتشف معاً، أن جاهلية اليوم أكثر بشاعة، فلا أحد يتوقف عن القتل، ولا جهة رسمية ولا ميليشيا تعلن وتقول إن هذا شهر لا يجوز القتال فيه، ولا يجوز القتال بعده. لو كنا نريد فرصة للحياة، لقلنا للجميع إن عليهم وقف القتال فقط في رمضان، وعليهم لاحقاً أن يعودوا إلى مجازرهم، لكنهم لا يريدون استراحة محارب، ولا هدنة، ولا جاهلية أولى!. حسناً.

أيهما أكثر جاهلية، عرب البارحة أم عرب اليوم، وأيهما أكثر أخلاقاً عرب ما قبل النبي أم عرب ما بعد النبي، وماذا تبقى من روح الإسلام المتسامحة في نفوسنا؟!. في جاهليتنا الجديدة، سيأتي من يقنعنا أن أجر وثواب القتال في رمضان، مضاعف، وأن الموت المقدس في رمضان يستسقي رضى الله، بأضعاف الموت في الأيام العادية.

إن أردتم الاقتتال فاقتتلوا بأسماء مموليكم، ولا تقتتلوا باسم الله، ولا تقتتلوا أيضاً باسم الأجداد الذين كانوا أيضاً أكثر أخلاقاً في جاهليتهم الأولى.

Email