بشرى خير للأمة العربية

لا يختلف اثنان على أن الظروف التي تمر بها أمتنا العربية الآن من أصعب وأسوأ الظروف التي مرت عليها في تاريخها، حيث تواجه الأمة من المحيط إلى الخليج أخطاراً جسيمة يصعب على أي دولة فيها التصدي لها وحدها، فجحافل الإرهاب المرتزقة والمأجورة تهدد الأمة العربية بإشعال الطائفية وبالخراب والقتل، وهي أخطار لا منأى منها لأي دولة عربية على حدة، ولا يخفى على أحد الدعم القوي والمستمر الذي تتلقاه هذه الجحافل الإرهابية من جهات أجنبية في العلن والسر، والهدف تفتيت هذه الأمة وإضعافها والاستيلاء على مقدراتها وثرواتها.

ولأن هذه الأمة كتب الله لها البقاء إلى يوم الدين، فإنه سبحانه وتعالى يهديها للطريق الصحيح، وها نحن نرى بشرى الخير والهداية تأتي من الدعم العربي لمصر، هذا الدعم الكبير الذي تقدمه السعودية والإمارات والكويت وغيرهم، والذي يعكس بوضوح وعي هذه الأمة العربية واستيعابها الحقيقي والموضوعي لحجم المخاطر والتهديدات الإرهابية وكيفية مواجهتها، فمصر كانت وما زالت وستظل حصن هذه الأمة الحصين، وبقاء هذه الأمة العربية رهن ببقاء هذا الحصن صامداً وقوياً.

حرص العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو في ظروفه الصحية الحالية، شفاه الله وعافاه، على الحضور إلى مصر للقاء رئيسها الجديد عبد الفتاح السيسي وتهنئته، ترسل للعالم كله رسائل واضحة وصريحة بأن هذه الأمة العربية تعرف عدوها جيداً وتستوعب مدى خطورته، وتعرف أيضاً كيف تواجهه وتقضي عليه، ولا أشك في أن هذه الزيارة، بالشكل الذي تمت به، قد أثارت قلقاً وتوتراً كبيراً لدى أعداء الأمة الذين يكيدون لها المكائد ويدبرون لها الخراب.

ما يقلق أعداء الأمة من الدعم العربي لمصر، خاصة الدعم الإماراتي والسعودي، هو أن الهدف منه ليس فقط دعم القوة العسكرية المصرية، بل دعم مصر ككل في مجالات البناء والتنمية كافة، وهذا أكبر بكثير من الدعم العسكري، لأن العدو الجديد الذي يستهدف الأمة لا يأتي على الدبابات والطائرات والبوارج الحربية، بل يأتي من الداخل، من شوارع وحواري الجوع والفقر والجهل والمرض، وبناء مصر من الداخل هو السبيل لمواجهة هذا العدو في مصر وفي باقي بلدان العرب جميعها، وسوف يأتي اليوم الذي يشهد فيه العرب بالفضل والعرفان بالجميل لهذه الدول العربية الشقيقة التي تساعد مصر، لأنها بدعمها لمصر إنما تدعم الحصن الحصين للأمة العربية كلها من المحيط إلى الخليج.