مهمة رئيس مصر القادم

ت + ت - الحجم الطبيعي

قريباً تخوض مصر انتخابات الرئاسة، وهناك العديد من الذين أعلنوا عن نيتهم الترشح، وإن كان من الواضح أن المنافسة ستكون بين اثنين فقط، أحدهما الأكثر شعبية عبد الفتاح السيسي، والآخر صديقي العزيز الذي أعرفه منذ أكثر من ثلاثين عاماً ويربطنا انتماء مشترك إلى تيار سياسي واحد، وهو حمدين صباحي. وقبل أن نقول من سنؤيده منهما، علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا نريد من الرئيس المصري القادم؟

هناك مطالب كثيرة ومهام ثقيلة وصعبة ومشاكل معقدة ستواجه الرئيس القادم، وهذه المهام والمشاكل تحتاج إلى رئيس ذي مواصفات وقدرات وإمكانيات خاصة، رئيس ذي شعبية كبيرة تمنحه الثقة باتخاذ قرارات صعبة وحاسمة ومصيرية، رئيس ذي مرجعية مؤسساتية قوية تمنحه القوة لخوض معارك ضارية ومواجهات حادة في الداخل والخارج، رئيس قادر على جمع كل القوى خلفه لمواجهة أعداء مصر في الداخل والخارج معاً.

ربما يتفق معي الجميع على أن مصر لم تواجه في تاريخها هذا الكم الهائل من المشاكل المعقدة، ولا حتى في زمن الحرب، بل إن الحرب التي تعيشها مصر الآن ربما تكون أصعب وأعقد بكثير من الحروب التي واجهتها من قبل، إذ كان العدو في السابق محدداً ومعروفاً وقادماً إلينا من خارج الحدود، أما الآن فالعدو قادم إلينا من الخارج ومن الداخل معاً، ومنتشر بيننا في المدن والقرى والطرق والشوارع، وهذا العدو يكن لمصر وشعبها كماً من الحقد والكراهية يحسده عليه الشيطان.

المسألة أكبر الآن بكثير من تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وأكبر أيضاً من حل مشاكل الفقر والبطالة والتنمية والصحة.. مصر الآن، بكل المقاييس، تخوض حرباً ضروساً ضد الإرهاب الذي يسعى لتخريبها وتدميرها والقضاء على مستقبلها، والشعوب التي تخوض الحروب الكبيرة عادة لا ترفع سوى شعار واحد لا ثاني معه، وهو «كل شيء من أجل الجبهة في مواجهة العدو».

ولا يمكن لأي برامج تنمية أن تبدأ في ظل حالة الحرب الحالية، ومن العبث الحديث عن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، والمواطن مهدد في حياته وحياة أسرته، ولا استقرار ولا تنمية ولا بناء بدون ضمان أمن الوطن والمواطن.

مصر الآن بحاجة إلى رئيس يقود الجيش والشرطة والشعب معاً، لخوض الحرب ضد الإرهاب الذي ينتشر في مصر بشكل مخيف، والذي تدعمه جهات خارجية نعرفها جميعاً، ولا بد أن تكون هذه القضية على رأس أي برنامج انتخابي للمرشحين للرئاسة، وخلو أي برنامج لمرشح منها، يعني أن هذا المرشح لا يفكر في الوطن بقدر ما يفكر في المنصب.

مع احترامي لجميع المرشحين، لكنني على يقين من أن الشعب الذي يعيش في رعب دائم ليل نهار من تهديدات الإرهابيين، سيختار الشخص الأقدر على التصدي لهذه المهمة التاريخية.

Email