التحرك الفلسطيني المطلوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل انسداد أفق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتأزم مفاوضات من أجل المفاوضات، بسبب تعنت المحتل الإسرائيلي، باعتراف الوسيط الأميركي أخيراً، ومع تشكيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفداً خماسياً لتحريك الملف الذي باءت كل المحاولات السابقة بشأنه بالفشل، يعود التفاؤل مرة أخرى بإمكانية الخروج من حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني.

التحرك المرجو نريده أن يكون جدياً من جميع الأطراف حتى تتم إعادة اللحمة بين شطري الوطن الواحد، لا من أجل الاستخدام السياسي لهذا الطرف أو ذاك، لأنه يبدو واضحاً أن كل طرف من أطراف الانقسام يمر بمأزق سياسي على مستواه.

فحركة فتح برئاسة عباس تواجه ضغوطاً أميركية وإسرائيلية بشأن مفاوضات السلام، وهو ما قد يدفع إلى الاعتقاد بأن خطوته نحو المصالحة هي مجرد تلويح للاحتلال بأن هناك خيارات أخرى لديه.

وبدورها تمر حركة حماس بمأزق وضغوط، منذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين التي صنفت حركة إرهابية، وتم حظرها في مصر وعدد من الدول العربية وكندا، إضافة إلى أن بريطانيا، مقر التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، تقوم حالياً بمراجعة شاملة لارتباطات الجماعة وأنشطتها، تمهيداً على ما يبدو لحظرها والسير على خطى من سبقها.

وذلك كله ينعكس على حركة حماس التي تواجه أزمة في المرحلة الحالية مع القاهرة.

لا بد أن تكون أولوية حركة فتح هي المصالحة وليس المفاوضات، وكذلك الحال بالنسبة إلى حركة حماس، فإنهاء الانقسام، والعودة إلى الحضن الفلسطيني، هما طوق النجاة لها، وبداية لفك ارتباطها بتنظيم الإخوان الذي يعاني أزمة وتخبطاً، بعدما كشر عن أنيابه في مصر، وتكشفت حقيقته لدى العديد من الدول، ومنها من كانت حضناً دافئاً له.

لا نقول إن إتمام المصالحة الفلسطينية أمر هين، ولكن الخطوة الأولى فيه ليست صعبة، فالبداية معروفة، والأدوات متوافرة، والاتفاقيات جاهزة للتنفيذ، ولا ينقص سوى القرار الصادق للانطلاق نحو ما يعزز مقومات الصمود الفلسطيني على كل المستويات، وأهمها وأصعبها مواجهة إسرائيل التي تغذي عوامل الفرقة على نهج «فرّق تسُد»، من أجل تنفيذ مخططاتها لإنهاء القضية الفلسطينية، وتهويد القدس، والتهرب من التزاماتها تجاه شعب محتل.

اتفاقا القاهرة والدوحة على الطاولة، والوفد الخماسي (وهو وفد يضم قيادات العمل الوطني على مستوى منظمة التحرير الفلسطينية) جاهز لزيارة قطاع غزة، والمتبقي فقط تحديد موعد لها وتنفيذها، لتكون الخطوة الصغيرة الأولى لتتبعها خطوات عملية أكبر، بتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة.

عندها فقط يمكننا أن نؤمن بأن عقلية الانقسام انتهت، وأن الوحدة الوطنية ستتحقق، ولن يستطيع أحد حينها الضغط على القيادة الفلسطينية بشأن مصير الشعب وأرضه وحقوقه، لأن القرار سيكون موحداً، والصوت واحداً في وجه أي كان.

 

Email