مخرجات التعليم الخاص

ت + ت - الحجم الطبيعي

شأن قطاع التعليم العام والخاص في الدولة، غني عن التعريف أو التعقيب، فهو غيض من فيض. بيئة التربية والتعليم، أهم وأكبر قطاعات الدولة ذات الضخ الأكبر والأعظم من الميزانية الاتحادية وباطراد. إن ما توليه الدولة من أهمية وعناية فائقة لقطاع التعليم، يحتم علينا وزنه بمعيار الذهب. البيئة المدرسية ورشة تعج بثقافات مؤثرة ومتأثرة. نحن مجتمع لا يستطيع الانسلاخ من جذوره، لا يزال أصيلا ومحافظا في ظل الكثير من التحديات الصعبة، نحن نتوارث قيمنا جيلا بعد جيل..

إننا نهب أطفالنا صغارًا لا يكادون يعون شيئا، لآلة تشغيل وتدوير إنسانية ضخمة ينخرطون فيها سنين طوالاً، نحن نقدم أطفالنا على طبق من ذهب كمدخلات نقية وطبيعية، بغض النظر عن نوعية وأساس وجودة ماركة آلة التشغيل، ومن ثم نتلقاهم كمخرجات تُكَون شعب الإمارات وشعوبا أخرى مقيمة على أرض الدولة.

يمضي الطالب عمرًا بحصيلة نهائية: مخرجات التعليم الحكومي سماتها إتقان أقل للغة الإنجليزية، مقابل الكثير من الانتماء والأدب، والعكس صحيح في غالبيته. هذه هي المعضلة الأولى التي نواجهها كمجتمع يعول على سواعد أبنائه في بناء الوطن.

أعتقد أننا بحاجة لتأميم التعليم الخاص تأميما غير مستنسخ من دول أخرى، يواكب حاجة مسيرة الدولة لعقود قادمة، تأميم تقوى فيه بنية التعليم الحكومي، منضويا تحته التعليم الخاص بمظلة حكومية قادرة على كسر الجشع المالي ومخلفاته من تأطير الثقافة وتكويرها في بوتقة لتصدير جيل مشوه الثقافة والانتماء والولاء، ذلك بعد النهوض بالتحدي الكبير وهو الإنجليزية والعلوم المرتبطة بها. التعليم الحكومي خرّج أجيالا مشرّفة، تعتز بعروبتها ودينها الإسلامي وأصالتها وعاداتها المتوارثة، تحترم وتعلي من لغتها لغة القرآن الكريم، لا تكسير ولا تهجين ولا لكنة ممجوجة كوسيلة لتغطية فضيحة رداءة الإلمام بأساسيات اللغة العربية.

لا نستطيع أن ننكر التجاوزات المؤسفة كواقع طال معظم التعليم الخاص، كتسريبات الامتحانات بمقابل، فوضى مقاولات الدروس الخصوصية، التجاوزات الأخلاقية. قديمًا يتخرج الطالب بدرجة مثقف، أما الآن فلو اطلعت على ما في رأسه لوجدته ناصع البياض، مقابل تتويج مليونيرات بعض أصحاب المدارس الخاصة سنويا في حفل نهاية السنة الدراسية، ومن جيوب الطلبة طبعا.

إننا بالتأكيد لا نقلل من الجهود المبذولة من قبل جهاز الرقابة المدرسية، المتمثل بهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وإدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم، فالجهود المبذولة من قبلهم تعد جبارة في ظل آلة تعج بثقافات مختلفة.

مدينة بحجم دبي طوعت الأرض والبحر والموارد المتاحة وغير المتاحة من الصفر لتغدو «الرقم 1»، لن تعدم سبيلا وفكرا لنظام يتلاءم ويخدم مصالح أجيالها بالدرجة الأولى.

Email