الدين بريء مما يأفكون

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطمأنت النفوس الوجلى، وهدأت الأنفاس، وتكشفت الحقائق، وبارت سلعة استدرار العواطف بـ"الدماء"، لعبة "الإخوان" المفضلة في كل مكان، وشرع كثيرون ناصبوا مُبْتَدَأً النظام المصري الجديد العداء، في مراجعة مواقفهم وتدبر ما رفضوا النظر إليه من قبل، لأنهم كانوا أسرى اللحظة المشحونة بـ"الميلودراما" مبتورة النهايات.

فواقع مصر اليوم يؤكد ما هو مؤكد، أن أعضاء هذا التنظيم "يقولون ما لا يفعلون" و"يظهرون ما لا يضمرون"، فمصر بدأت تتعافى وتخرج في زينتها الأولى كما عرفها الناس قلباً يعالج سقيم الأمة العربية، ويروح عن متضجرها، ويفرج عن مكروبها، ويمحو أمية من يلجأ إليه، فلا هي ذهبت إلى الجحيم كما ادعوا، ولا طوفانهم في البحر أغرقها وفق ما تمنوا.

والمتابع لمسيرة الإخوان، من لدن "حماس" التي شقت الصف الفلسطيني بدعوى التحرير، مروراً بالسودان الذي أطاحوا سلطته المنتخبة بسبة فساد الأحزاب الحاكمة آن ذاك، يجد أن القاسم المشترك لدى قيادة هذه الجماعة هو حب السلطة، وعدم التفريط فيها حتى وإن أدى ذلك إلى مقتل الناس جميعاً. وفي هذا لا يفرقون بين من كان عضواً في تنظيمهم أو من كان خارجه، فالعضو عندهم عبارة عن رصاصة يحمون بها أنفسهم لا أكثر، وعلى ذلك يربونه.

والشواهد عديدة، ليس منتهاها من قتلوا في ميدان رابعة العدوية، ظناً بأنهم يحمون دولة الإسلام، ولا أولئك الذين تناثرت دماؤهم في جنوب السودان إبان الحرب التي حولوها إلى حرب مقدسة، بمجرد أن باتوا حكاماً للخرطوم، وحشدوا لها طلاب الجامعات والمدارس الثانوية، وجندوا أجهزة الإعلام لتحدثهم عن الحور العين..

وما أن شعروا باهتزاز سلطتهم، حتى مالوا وتراجعوا عن قدسية الحرب، ووقعوا اتفاقاً منح الجنوب استقلاله، بل ذهبوا إلى أن الانفصال يطهر أرض السودان من دنس المسيحيين ويجعله دولة إسلامية كاملة الدسم، إلى أن تفاجأوا بحرب أخرى ما زالوا يحاولون تقديسها دون جدوى، لأن عشرين عاماً ونيفاً جعلت جل السودانيين يعلمون ماذا تعني كلمة "إخوان مسلمين".

الشواهد عديدة ولسنا بصدد تفكيك فكرة "الإخوان" وإيديولوجيتها المبنية على "اكذب ففقه التقية موجود"، "اسرق وفتوى السترة تحميك"، افعل ما شئت "أنت روح طاهرة في جسد فاسد" تجليه بخدمتك للجماعة وقادتها!

غير أن الناظر للواقع المصري اليوم مقارناً بما يجري على أيدي هذه الجماعة، مقروءاً مع المناطق المتاخمة لها في فلسطين والسودان، يجد أنه كسر حزاماً ناسفاً كان سيضع المنطقة على شفا جرف من جهنم، لا لخدمة الأمه العربية ولا لقضيتها العادلة، ولكن فقط لبقاء هؤلاء في السلطة..

 لا يهمهم إن جاع المواطن المصري ولم يجد ما يأكله فذلك قضاء الله، وإن مات بإهمال طبي وتدني خدمات الصحة بفسادهم فذلك قدر الله، فالدولة لله وبالله تيسير.. وفعالهم كلها تصيح: إن الدين بريء مما يأفكون.

Email