قرأت حكمة تقول: "المعرفة هي أن تعلم أن الطماطم فاكهة، أم الحكمة أن لا تضعها مع سلطة الفواكه؟"، مما فتح لي آفاقا من الأسئلة منها: على ماذا يتم الاعتماد في تقسيم النباتات إلى خضراوات وفواكه؟ ولماذا النباتات تعتبر ضمن الكائنات الحية؟ فالحيوانات تصدر أصواتا ولديها مشاعر وأفعال وردود أفعال كالإنسان، بينما النباتات لا.
يقول رجاء النقاش: "إن الإنسان عندما يموت يتحلل إلى تراب ومن هناك يتغذى النبات، فلماذا لا تكون الزهور والأعشاب التي نراها في الأصل فتاة عذراء أو شاباً وسيماً شجاعاً أو طفلاً بريئا؟". فلربما إذن خضروات محمد بو عزيزي متغذية على رفات أحرار وقادة شجعان، ألهمت البو عزيزي وربما أثرت في روحه وكانت تعني له أكثر من مجرد عربة تحمل نباتات، فما أن أهينت حتى ثار وغضب وكان ما كان..
بعيدا عن التعريف العلمي للنباتات ولماذا هي تنتمي لعالم الكائنات الحية، بدأت أشك، بناء على بعض الأحداث، في أن النباتات هي الملهمة لهذا العصر، عوضا عن المرأة الجميلة التي كانت في زمن سابق ملهمة الشعراء والرسامين وتحولت بعد ذلك إلى القهوة والخمر، فهل حان وقت النبات في عالم الملهمات؟
لقد كانت لدي تجربة مع نبتة "البونساي" القزمة، التي أطلقت عليها اسم "الأمل"، فقد كانت رياح اليأس تعصف بجنابات حياتي حتى اقتنيت هذه النبته التي أبهرني جمال أوراقها، ولكن ما إن مرت الأيام حتى بدأت أوراقها تتساقط، لتشاركني وتزيد من يقيني في يأس حالي.
بذلت كل ما في وسعي لإعادتها كما كانت، لكن باءت كل محاولاتي بالفشل.. الكل أشار علي بأن أتخلص منها كونها لا تزيد الطين إلا بلّة.
ولكن طوعني الأمل، حتى راودتني فكرة أن أسقيها من ماء زمزم بدلا من الماء العادي، لربما تكون علتها مساًّ من الجان وعلاجها ماء مبارك مقدس.. طبعا ليس لإيماني بالأرواح الشيطانية والأشباح إنما من غلبي! لكن لم يمض أسبوعان حتى بدأت تورق شيئا فشيئا، إلى أن عادت أفضل وأجمل من الأول.
ولذلك ألهمتني أن الأمل حي وإن مرض فإنه لا يموت، وأن لا أكف عن المحاولة والسعي حتى يتحقق المراد. فاقتنائي لهذه النبتة الصديقة وتأثيري عليها وتأثيرها علي، لم يكن بالتأكيد محض صدفة.
وهناك طقوس عالمية تبرهن على الإيمان بإحساس النبات وحساسيته، فعلى سبيل المثال، في البرتغال تُمنع الفتيات من تسلق الأشجار كونهن عذراوات وهذا من شأنه أن يؤثر على كمية الإنتاج، وفي إحدى المناطق الإفريقية لا تدخل المرأة العقيم الحقل للسبب ذاته.
قد يظن البعض أن إحساس النبات خرافات والعمل على مراعاته طقوس لا صحة لها، ولكن كل عاشق للنباتات ومهتم يؤمن بأن لها قلبا يبصر، ومشاعر وسمعاً مرهفا، ونفسا تحس وتتفاعل وتتأثر.. فلتتأمل نباتات منزلك فإن حالها يدل على حالك..