مسميات مسيئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمر علينا بعض المصطلحات والمسميات التي تنسب للإسلام زورا، واعتمدت على الخلط بين الدين الحنيف ومبادئه السمحة؛ دين الوسطية والاعتدال والمحبة، وبين الحركات والاتجاهات التي تستخدم الدين كقناع لتحقيق مصالح آنية أو تأمين مطامع وغايات أخرى.

فبينما استخدم مصطلح «الإسلامي» و«الإسلامية» تاريخيا للتفريق بين من ولدوا في عصر الإسلام الأول ولم يشهدوا الجاهلية، ومن ولدوا وعاشوا في الجاهلية وتوفوا قبل الإسلام، كما يورد ثروت الخرباوي في كتابة «سر المعبد»، أصبح في القرن العشرين له مدلولات نفسية مضلّلة، من أهمها أن غير المنتمي للتنظيم المسمى «الإسلامي» هو كافر وليس مسلما، كما استقر حاليا لدى العديد من المنتمين للتيارات الدينية.

وجاء مصطلح «الإسلام السياسي» ليقسم الإسلام وكأن هنالك أكثر من إسلام؛ «إسلام سياسي، وإسلام شعبي»، وهو غير صحيح وباطل، لأنه ليس هناك ما يسمى بالإسلام السياسي والإسلام غير السياسي.

وبرزت حركات سياسية تحت عباءته، هي في الحقيقة أحزاب تسعى للوصول إلى السلطة، وتتخذ الدين ستاراً أو قناعاً لتحقيق أهدافها.

 كما أن الانجرار وراء مثل هذه المصطلحات المضللة وما لحقها من اختصاص فئة أو فرقة أو حزب أو جماعة بالتسمية، هو نزع لصفة الإسلام عن باقي المسلمين.

ووصل التضليل إلى حد الخلط بين الإسلام كدين، وبين التسميات الأخرى مثل «الإخوان المسلمين» و«السلفيين» و«الجهاديين» و«الأصوليين» و«المتطرفين» و«القاعدة»، والتي تدعي أنها تختصر كل المسلمين في بوتقتها.. ولأنه لا يمكن لأي جهة أن تحتكر ارتباط الإسلام باسمها، لأن جميع المسلمين إخوة لا تفرقة بينهم ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، ولهذا من الخطأ حصر كلمة «الإخوان المسلمين» بحزب أو جماعة.. باعتبار أن حصر «الإسلامي» بفئة دون غيرها لا يجوز.

وللأسف نحن كإعلاميين وصحفيين نسهم بطريقة أو بأخرى من حيث نعلم أو لا نعلم، في تثبيت بعض من المصطلحات التي تسيء للإسلام، عندما ننقلها كما تردنا في الأخبار من مصدرها، باعتبار المصداقية والشفافية وتسمية الأمور بمسمياتها.. فهل من المناسب أن نقول عن حركة أو حزب أو جهة «الإسلامية» وهي تقوم بأعمال إجرامية، من قتل وترهيب وترويع للمدنيين الآمنين بحجة محاربة العدو، ما لم تكن هنالك حرب حقيقية معلنة بين جيش المسلمين وجيش الأعداء من الصهاينة أو المعتدين؟ أو تلك الجماعات التي تهدر دم من لا يتفق معها من المسلمين، ليصبح الإسلام حكرا عليها دون غيرها؟! لا بد من التأكيد على عدم جواز الخلط بين الحركات والأحزاب والإمعان في التضليل بربطها بالإسلام، وصولاً إلى محاربته ولصق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين.. ونتمنى من الإعلام عدم الإسهام في هذا الخلط، وأن يتخلى عن استخدام الصفات والمصطلحات التي تسيء إلى الإسلام، ويكف عن ربط الحركات المتطرفة بالإسلام، أو ترداد كلمة الإسلاميين عند الحديث عن أي عمل عنف أو إرهاب.. ولتسم الأمور بأسمائها ولتلصق التهم بمن يقوم بأي عمل يخصه.

Email