داهمني وقت صلاة العصر وكنت أخشى أن تفوتني قبل الوصول إلى المنزل، فارتأيت الصلاة في أحد المساجد التي كانت الأقرب لي، فتوقفت متوجهة لمصلى النساء وأنا في طريقي إليه وإذا بي ألاحظ جمعاً من المصلين يتوافدون على الجامع، وما أن دخلت حتى أدركت أن هنالك جنازة تنتظر الصلاة عليها، وما ان فرغت من أداء الفريضة حتى لفت انتباهي بكاء بعض من النساء بحرقة وحزن على فقيدهن والذي اعتقد أنه شقيقهن وزوج إحداهن وأب لبعضهن وابن لأم انفطرت كبدها حزناً.

فتسآلت في نفسي .. من هو ومن يكون ؟!

كيف كان أثره وتأثيره في حياتهم وكيف كان تأثيرهم في حياته.؟!

ولكني قبل أن استرسل تراجعت، معللة تراجعي هذا بأن الحي أولى من الميت، وأرجعت السؤال لنفسي، ما هو تأثيري في حياة الآخرين وما تأثير الآخرين في حياتي؟!.

اطرح على نفسك ذات السؤال وابحث عن الاجابة، إنه لأمر يستحق العناء ويوفر لك إجابة أخرى عن سؤال أصعب الا وهو: من انت ؟. في نظرك وفي نظر الآخرين.

اعتقد علينا نحن كمربين ومعلمين وأصدقاء أو حتى كمديرين أو أيا كانت أدوارنا، نحتاج لنكون أكثر وعيا لتأثير كلماتنا وأفعالنا على الأشخاص المحيطين بنا.

ربما تظن أن ما تقوله أو تفعله بشكل عفوي لا تأثير له، ولكن ذلك غير صحيح، فكل فرد منا له تأثيره بطبيعة الحال.

تأمل عدد الاشخاص الذين تقابلهم في اليوم الواحد من العائلة أو الاصدقاء أو زملاء العمل أو العاملين في المحلات، أو حتى الاشخاص في المجتمعات الافتراضية (كتويتر) مثلا. أو عموم الناس، ما تقوله من جمل وكلمات صغرت أم كبرت فهي مسموعة وتحس كمثل الحجر حينما تقذفه في بركة مياه تجده يحدث تأثيرا في سكونها.

فبقدر المستطاع حاول استخدام كلماتك في الاوجه الايجابية، كزيادة ثقة الاخرين بأنفسهم وبدعم معنوياتهم وادخال السكينة والسرور على انفسهم.

وعلى هذا أمسك لسانك عند الغضب لان نفسك حينما تغضب دونما ادنى سيطرة ستكون كالكلب غير المروض الذي ما ان تطلقه لا يخلف لك سوى الخراب.

كن متيقظا وواعياً وخذ وقتا للتفكير قبل ان تجيب، فالكلمات الخارجة كالوقت، ما ان تخرج لا يمكن ارجاعها مهما اعتذرت. فبعض الكلمات تستقر في القلوب كرؤوس الابر متى ما تحركت أوجعت.

فكر هل ما ستشارك به بنّاء أم هدام، وان كان التعب والارهاق يحولان دون انتقاء جملك فلتؤجل الحديث الى وقت لاحق وإن كان ذا أهمية.

لا تستهن بأمرك أو بأمر كلماتك، فلسان طوله ثلاث عقد قد يقتل رجلا طوله ستة اقدام.

ذهب السنابل: (لا شيء أحق بالسجن من اللسان، وقد جعله الله خلف الشفتين والاسنان ومع هذا يكسر القفل ويفتح الأبواب) الإمام علي بن أبي طالب.