تزدان الإمارات في هذه الفترة من العام، الواقعة بين شهري أكتوبر ومارس، عادة بطقس خلاب، حيث يمتاز المناخ بأجواء نقية تجذب الناس، وتحديدا الأسر، وتدعوهم إلى الخروج للبر وترويح أنفسهم والتمتع بالاستجمام في الهواء الطلق لساعات، أو بالتخييم لأيام خاصة عقب هطول الأمطار. ولا تستثنى فئة الشباب من هذه الدعوة، بل هم أكثر المتحمسين لتلبيتها، في مناخ يحرّض لديهم روح المغامرة، لدرجة المخاطرة بأرواحهم وبسلامة الآخرين.

في مثل هذه الأجواء في كل موسم، يغلب وجود الشباب في مجموعات لممارسة هوايتهم في القيام بأعمال بهلوانية، بسياراتهم ذات الدفع الرباعي أو بواسطة الدراجات متعددة الأنواع، والصعود بها إلى قمم التلال الرملية العالية، في كرنفال من الفوضى؛ نتيجته..

كثير من المآسي وكثير من التخريب والتشويه للطبيعة الساكنة، إضافة إلى ما يتسببون فيه من إيذاء وإزعاج، بل وإفزاع لمرتادي البر من الأسر والعوائل، ناهيكم عما تتعرض له عناصر الأمن والشرطة من إجهاد ومخاطرات، لنقل المصابين وضبط الفوضويين والمخالفين، ومواجهة تحدياتهم وتجاوزاتهم المتكررة والمتزايدة. ورغم أن ممارسة مثل هذه الأنشطة تحتاج إلى صلابة ووعي، إلا أن اللافت في معظم نماذج هذه الفئة أنهم لا يمتلكون أدنى مستويات الصلابة والوعي، ولا الحدود الدنيا من حسن الخلق والأدب.

وحيث تكتظ مواقع تجمعات الشباب تلك بهم وبآلياتهم، تجد الرعونة والتصرفات اللامسؤولة سائدة، بدءا من المظهر الخارجي في الملبس والشكل، مرورا بالتعليقات السمجة، في مزاح ومقالب يعكسان سطحية فكرية وفراغا روحيا وقيميا، ناهيكم عن الشعور بالفراغ نفسه الذي قد تعاني منه هذه الفئة، وهو ما يدفع بهم إلى متون الاستهتار والميوعة والطيش والانحراف.

ولأن المسؤولية المجتمعية حق وواجب على الجميع، فإن الإسهام في حماية الموارد البيئية والطبيعية وأيضا الثروات البشرية، ذات أولوية في هذا السياق، ما يدفعنا نحو مقترح لعل من شأنه أن يصلح ما يمكن إصلاحه لدى بعض الشباب، ويؤدي إلى تشكيل وصياغة شخصيات البعض الآخر بما يفيدهم ويفيد أهلهم ومجتمعهم ووطنهم.

ومؤخرا فرض الكثير من الدراسات والتقارير عناوين نتائجها في المؤتمرات، حيث تشير في مجملها إلى الخلل الذي أصاب شخصيات الشباب المعرفية والقيمية، وتلقي بمسؤولية تلك النتائج على محتوى المناهج التعليمية وأساليب التربية وغيرها، التي فرغت الشخصيات من قواعد البناء الأساسية، خاصة في ما يتعلق بالأخلاق والأدب، وبالعلاقة بين الأبناء والآباء، وأساليب الاحترام المتبادل بين الصغير والكبير.

وفي نهاية الأسابيع الثلاثة الأخيرة في هذا الموسم البديع، وعلى مدى ثلاث جمع متتالية، حرصنا ككثير من محبي البر على ارتياد أكثر من موقع فيه، فأتيحت لنا عن كثب فرصة مشاهدة ممارسات بعض الشباب الرعناء، كما لم تقتصر مشاهداتنا على مغامرات الشباب من الذكور، بل تجاريهم في ذلك بعض الفتيات ممن أسأن استخدام الحرية الممنوحة لهن، فوظفنها بالانخراط في مغامرات معروفة النتائج سلفا.

وما نقترحه هو النظر في تعميم التربية العسكرية في المدارس، وفرض نظام التجنيد الإجباري على طلبة الجامعات، ليكون متنفسا ومصرِّفا لطاقات الشباب المخزونة، ولتشكيل وصياغة عناصر ذات شخصيات صلبة ومنضبطة، تقدر المسؤولية، وتعي أولوية الواجبات تجاه النفس والأهل والمسؤول والوطن.