«أبشر».. هذه المفردة المستخلصة من التفاؤل العميق، والمفتوحة على الأمل الواسع، وهي التي مهرت مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لبرنامج توظيف المواطنين.. هذه الكلمة ستصبح مصطلحاً ملزماً وراسخاً بعون الله في المستقبل المنظور والقريب. وهي إن دلت على شيء، فإنما تدل على استشعار القيادة لضرورة تمكين أبنائها وبناتها من سدة الوظائف والمهن، وتحقيق الاستقرار الفعلي لكل فرد، وهي بالدرجة الأولى تسعى إلى تحقيق الحياة الكريمة لكل إماراتي، بكل ما تحوي الحياة من رخاء ورفاهية.
ولأن الشباب هم رأس حربة الاستثمار البشري والإنساني لدى القيادة، فإنه، وبمجرد إعلان هذا البرنامج الواعد، تم اعتماد قانون المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإعلانه، لتشجيع الشباب على صناعة اقتصاد بلدهم وتعزيزه وتنويعه، وتحقيق استقلاليتهم واستقرارهم، وليكونوا شركاء فاعلين وفعّالين في بناء وتنمية الوطن والذات.
بهذه الحزمة من القرارات والمبادرات الخلاقة، التي تصدرت وسائل الإعلام كافة، تنفرج أسارير الناس، حيث تلبية احتياجاتهم أولوية بدهية لدى القيادة وأصحاب القرار، وهذه البدهية انعكست حالاً في منح المواطن الأولوية في الحصول على وظيفة والالتحاق بالعمل في القطاع الخاص، كما يلتحق بالقطاع الحكومي متمتعاً بكامل حقوقه وامتيازاته.
لا شك أن هذه القرارات الملزمة هي بوصلة الحلول الناجعة لكثير من مظاهر التسيب، وهي، إلى جانب ذلك، محك للكشف عن جدية الشباب الراغبين في العمل، وإزالة صورة مغلوطة رسمت لهم، وروجت للعامة وعلقت في أذهانهم، عن عزوف شباب الوطن عن العمل والالتزام بالوظيفة، وهو اتهام روجته في ما مضى عناصر مستفيدة، بغية الاستحواذ على فرصهم الأساسية في العمل، وحقهم في الوظيفة، علماً بأن هناك بعض المسؤولين في بعض المؤسسات، وإلى وقت قريب، يتحدثون عن التوطين ثم يخالفون تنفيذه، لكنهم بعد اليوم لن تأتيهم الجرأة لمخالفة هذا القرار أو تجاهله أو التجاوز عنه.
ومثل تلك الممارسات المتمثلة بحجب فرص العمل أمام المواطنين، لم تستثن المرأة الموظفة، ولو بصورة أخرى، فلطالما تم التشكيك في كفاءتها في كثير من المؤسسات، لتكون مهمشة، وتبقى بعيدة عن مراكز اتخاذ القرار، رغم وضوح موقف القيادة بشكل عملي في هذا الشأن، وما قامت به من دفع العنصر النسائي الكفؤ إلى المناصب الرفيعة في الدولة، وإلى مواقع اتخاذ القرار، ومنحها الثقة بتحمل المسؤولية الكاملة، لكن هناك من يتعامى عن عوامل الاقتداء هذه، فقفز عليها، والذرائع لديه جاهزة.
اليوم ليس كالبارحة، وقد تم إصدار قرار حكومي بإلزامية تمثيل العنصر النسائي في مجالس إدارات جميع الهيئات والشركات الحكومية في الدولة، وهو قرار سيعيد كثيراً من الأمور إلى نصابها بإذن الله، ويحقق العدالة الاجتماعية والوظيفية للجنسين من أبناء الوطن، لكونه يكمل الدعوة السابقة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بضرورة تقديم كفاءات الصف الثاني والثالث من المواطنين، وإتاحة الفرصة للاستفادة من خبراتهم. فلا شك أن هناك العديد من ذوي المهارات ما زالوا على المقاعد الخلفية في الظل، إلا أن فرصهم في التقدم وفي إبراز قدراتهم.. وإن كانت تأخرت، لكن أوانها قد حان.