فيروس أم بكتيريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت أشعة الشمس تتسلل بهدوء إلى أروقة الغرفة، معلنة عن يوم جديد وصباح يحمل في طياته المزيد من الرزق والخير. وشرع النوم يلملم نفسه للمغادرة ففتحت عيني لهذا اليوم وشكرت الله على نعمة الحياة، لكن أحسست بألم بينما أبلع ريقي.

تجاهلت الموضوع، وأرجعت الأمر إلى جفاف الحلق في أول الصباح، لكن برح الألم يزداد مع كل ريق. ماذا حدث؟ كان الأمر على ما يرام عند شروعي للنوم ليلة البارحة.

نهضت من مكاني على غير عادة. الصداع يلف رأسي، والعطاس يعزف لحن الرشح. وبعدما لملمت أفكاري بدأت الصورة تتضح. إنها أعراض عدوى المجاري التنفسية العليا.

خطوت بجسمي المثقل إلى المطبخ، وشربت كوباً من الحليب الدافئ ممزوجاً بالعسل، ومن ثم وضعت القليل من الملح في ماء دافئ وقمت بغرغرة حلقومي لتخفيف ألم البلع. هدأت موجة الأعراض لهنيه، لكنها عاودت الكرة وشحذت عن ذراعيها لهجوم كاسح.

ماذا أفعل؟ لدي بعض المهام لكن كيف أذهب للعمل في هذا الوضع؟ اتصلت بمديري في العمل الذي سرعان ما سمع صوتي أمرني بعدم الحضور والاهتمام بصحتي. شكرته على دعمه اللامحدود، وقررت الذهاب إلى طبيب الأسرة الذي أصبحت عيادته بيتي الثاني منذ الصغر.

خير إن شاء الله! قال لي طبيبي بعد الترحيب. رويت له ما حصل. نظر إليّ وجميع جوارحه كانت منصتة لي أنا. هز رأسه بالإيجاب وقال: أخبرني المزيد. قلت له ما في جعبتي. فسألني: ماذا تعتقد السبب؟ ارتسمت علامة استفهام على وجهي وقلت: أنت الطبيب أنت الذي تعرف، لهذا أتيت.

فتبسم وقال: نعم لكن أنت المريض وأنت صاحب الإحساس. سكت لبرهة، وفجأة تذكرت وجاوبت بحماس: البارحة وبعد الاستحمام بالماء الدافئ خرجت مباشرة إلى منطقة شديدة البرودة. فأجاب: لقد وصلت إلى الحل. التغير المفاجئ للتيارات يشكل فرصة ذهبية لدخول الميكروبات إلى الجسم وحدوث المرض.

تساءلت: ماذا تقصد بالميكروبات؟ فأجاب: إن البيئة المحيطة تحتوي على كائنات مجهرية لا ترى بالعين المجردة مثل الفيروسات والبكتريا والفطريات، وهي في الحالة الطبيعية لا تهاجم الجسم، لكن تغير التيارات المفاجئ يكون عامل جذب قوي لدخولها إلى أجسامنا.

فيروسات، بكتيريا، ما الفرق؟

أجاب الطبيب: الفرق كبير في تكوينهم وطريقة تكاثرهم، لكن الأعراض المصاحبة متشابهة، فكلاهما يسبب الصداع والحمى والعطاس وألم البلعوم.

الفيروس يدخل الجسم بتأشيرة زيارة، بمعنى آخر يزور الجسم لأيام معدودة ما بين 3 إلى 7 أيام (تبدأ الأعراض في هذه الفترة تزيد بشكل تدريجي ومن ثم تقل في حدتها) وبعدها يرحل إلى شخص آخر بدون علاج، حيث إنه لا يوجد دواء لقتل الفيروس، إنما الأدوية التي تعطى هي لتخفيف الأعراض.

Email