المحسوبية والفوضى الأولمبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

درجت العادة هذه الأيام على أن يهاجم الجميع، بدءاً من زعماء العالم ووصولاً إلى حشد "احتلوا وول ستريت"، رأسمالية السوق الحرة والحكومة المحدودة باعتبارها جامحة وبحاجة إلى السيطرة، حيث من المفترض أنها سببت الانهيار الاقتصادي العالمي.

وتلك خرافة، فالمحسوبية المفرطة الميسرة من قبل الحكومة، هي التي تتسبب في الفوضى المنسوبة ظلماً للرأسمالية. واستمر هذا الاتجاه في سياق دورة الألعاب الأولمبية في لندن، وفي تعهيد أمنها الخاص إلى مصادر خارجية.

ولم تف شركة "جي 4 إس" الأمنية بالتزاماتها التعاقدية بتزويد الدورة بـ10000 موظف أمن، مما اضطر الجيش البريطاني إلى توفير 3500 جندي لتعويض النقص. وأشارت تقارير الصحف البريطانية إلى أن الرئيس التنفيذي للشركة، نك باكلز، لم يكن متأكداً في البداية حين سئل عما إذا كان جميع موظفي الأمن المؤقتين المكلفين بالإشراف على الدورة يتكلمون اللغة الإنجليزية.

وكل من تابع التفاصيل المروعة والاستجواب البرلماني اللاحق لباكلز - الذي أقر بأن الأمر كان عبارة عن "فوضى مذلة" - يمكنه بسهولة أن يعتقد أنه، نظراً لتدني الأجور المعروضة والتراخي في فحص التعيينات الجديدة، فإن فرقة "الأمن" التي أرسلتها شركة "جي 4 إس" للإشراف على الأولمبياد صممت، في أحسن الأحوال، لتوفير الطبقة الأولى من الحماية في حال كانت هناك قنبلة توشك على الانفجار فقط.

والآن، تتعرض رأسمالية القطاع الخاص للانتقاد مجدداً. ولكنها كانت، كالعادة، نقيضاً للسوق الحرة التي تسببت في هذه المشكلة. وبطريقة أو بأخرى، منحت شركة "جي 4 إس" عقداً وحيد المصدر من قبل اللجنة المنظمة، التي يرأسها مسؤول تنفيذي سابق في "غولدمان ساكس"، في إطار عملية افتقرت إلى الشفافية.

وقدم كلينت إليوت، وهو الرئيس التنفيذي لجمعية ضباط الشرطة المتقاعدين في بريطانيا، فكرة عن ثقافة التعتيم المحيطة بهذه المسائل، إذ قال لإذاعة "بي بي سي": "تزعم شركة "جي 4 إس" أنها اتصلت بنا، ولكنها لم تفعل ذلك البتة.

وما تميل هذه الشركة إلى القيام به، هو الاعتماد على شبكة اللاعبين القدامى والتوصيات الشخصية لتجنيد أشخاص من منظمتنا". وهذه العبارة، "شبكة اللاعبين القدامى"، تذكر مراراً وتكراراً في مواقف يفترض أنها ترتبط بالسوق الحرة، وبصورة شبه دائمة في سياق الأعمال غير المتقنة الجماعية.

وبصراحة، لقد سئمت من "اللاعبين القدامى"، ليس بصفتي امرأة، ولكن بصفتي مؤيدة حقيقية للرأسمالية وللسوق الحرة غير المقيدة، التي تتسم بالتنافسية النزيهة. ماذا لو رفع "اللاعبون القدامى" أيديهم عن ظهور بعضهم ونزلوا مع الآخرين إلى ساحة لعب مستوية؟ لأن الدفاع عن مبادئ الرأسمالية نفسها، أهم بكثير من الدفاع عن الثروة، وقد تمكنت "جي 4 إس" من تعريض كليهما للخطر.

إن وضع مئات الملايين من الدولارات في سلة متعهد واحد دون أية مبررات واضحة وشفافة، كان بمثابة وصفة لوقوع كارثة. وغالباً ما يحول اختيار الشفافية في وقت مبكر، دون فرضها في وقت لاحق.

Email