وصلت الفيزيائية ليزا مايتنر النمساوية ذات الـ28 عاما الى برلين، ممتلئة بحلم الحصول على عمل في النشاط الاشعاعي، و لكن لسوء الحظ لم تكن جامعات المانيا عام 1907م توظف الخريجات من النساء آنذاك.!
و لكن ارسل لها القدر كيميائي يدعى (اوتو هاهن) يعمل في معهد للكيمياء وقف الى جانبها ليصبح يوماً ما صديقاً دامت صداقته بها اربعون عاماً، وظلت هي مساعدته طيلة هذه السنون.
لم يكن المعهد مُرحِباً بـ ليزا و يتضح ذلك من مستودع الاخشاب الذي قُدم لها لتعمل به، وفي المقابل يُقدم لزميلها هاهن مختبرا، و ذات مره قال لها السيد اوتو: ان المدير يظن انه اذا ترك النساء يعملن في المختبرات فإنهن سيحرقن شعرهن بالنار فردت قائلة: لابد من أن لحيته مضادة للاحتراق إذن.
رد فاحم بلا شك!
مرت الايام واصبحت ليزا اول امرأة في المانيا تنال لقب (استاذ)، ولكن فرحتها لم تدم طويلا، فاعتلاء النازيون السلطة حال بينها وبين استمرارها في الجامعة، وذلك لكونهم أقروا بأن طرد الاكاديميين الغرباء من جامعات برلين حتمي ومهم للغاية.
فكان عليها مغادرة المعهد دون رجعة، وفي الوقت ذاته البقاء مجبرة في المانيا، الا أنها تمكنت ذات يوم من الهرب بمساعدة صديقها الهولندي في رحلة مرعبة الى درجة انها توسلت اليه ان يعيدها. وبذلك فقدت ليزا كل شيء، بيتها، وظيفتها، كتبها، ومرتبها، حتى لغتها وعملها وشغفها في اللحظة التي اوشكت فيها ان تتوصل الى اكتشاف عظيم.
بما أن كل إنسان ميسر لما خلق له، فقد تمكنت ليزا مع زميلها هاهن من التعاون على اكمال المشروع عن طريق (الرسائل البريدية).
و رغم الكثير من العقبات والصعوبات إلا انها توصلت الى اكتشاف (الانشطار النووي) اخيراً، الا ان الخيانه كانت متربصة بها وترتقب اللحظة المناسبه لتنقض عليها، فقد انكرها هاهن و انكر جهودها وحصل وحده على جائزة نوبل عام 1944، وزعم انه هو وحده صاحب الاكتشاف دونما شريك.
سُرقت منها جهود وعرق ودموع 30 عاماً وطردت بعد تجاهل واستهانه قوبلت بها في بدايتها.
و لكنها ظلت على مبادئها وقيمها كإنسانه، وحتى حين وافتها فرصة للإنتقام حينما عرض عليها المشاركه في مشروع امريكي لصنع قنبله نووية رفضت ان يكون لها اية صلة بصنع سلاح فيه دمار للبشرية.
كان لها ان تنتقم من المانيا التي رفضتها وحرمتها من كل شيء وانكرت جهودها وسرقت عشرات السنين من عمرها. ولكنها بقيت مخلصة لذاتها قبل كل شيء، مؤمنة بالسلام الذي يكتنفها.
توفيت فكتب على شاهد قبرها: (ليزا مايتنر فيزيائية لم تفقد أبدا إنسانيتها).