زار السيد «جبر» بلدا اجنبيا، وعرج اثناء زيارته على مقبرة, فرأى على شواهد القبور ما اصابه بالذهول..!
إذ خط على واحدة منها: (هنا يرقد فلان الفلاني- ولد عام 1917 ومات عام 1985- عمره ثلاثة اعوام)
وحين طاف بناظريه على بقية الشواهد وجد أن الامر ذاته مع اختلاف الارقام وتشابه الغموض.
فلما سأل عن سر هذه الارقام المكتنفه بالغرابة والتي لا يرمز مجموع سنونها مع ما كُتب..
افاده مرافقه بأنهم هنا يحسبون عمر الانسان بعدد الاعوام التي عاشها سعيدا.!
عندئذ قال جبر للمرافق: وصيتي إذا مت ان تكتبوا على شاهدي: (هنا يرقد جبر..من بطن امه للقبر).
وأنت على شاهدك ماذا تريد ان يُكتب؟!
بسنين السعاده ام بعدد انجازاتك ام بسنين الحرية .. ام لم تحدد بعد..!
هذا السؤال هو مربط الفرس ..كيف تريد عنونة حياتك؟!
يقال دائما ان كتابة العنوان تكون المحطة الاخيرة حين يتم الانتهاء من صلب الموضوع, فماذا اخترت لحياتك من عنوان؟، ولا تنسى انك انت وليس سواك من يكتبه، وهذه فرصة كبيرة لك لأنك انت المسؤول بشكل او بآخر في تشكيل تضاريس خريطة حياتك.
يقول كارل فالنتين: (اليوم هو ايام الغد الخوالي التي لا تعوض) فالتفكير بحياتك وسنونها الفعلية ليس ترفا وليس امرا ثانويا انما من الاساسيات.. فأن توانيت عن ذلك سيختار الاخرون عنوانها .. (50 عاما من اليأس والاستسلام) (60 سنه من اضطهاد الاخرين) (45 عاما من التذمر والشكوى) او (70 عاما من اللاشيء..!).
او كما قال احمد مطر: (يقال اقصر قصه كتبها انسان هي التالية: رجل ولد وعاش ومات)
ان حيوات الناس اشبه بالكتب كل كتاب عدد صفحاته بعدد السنون, وحين تقلب صفحاتك وتصادفك صفحة بيضاء فارغه ستغمرك بالملل والنفور لعدم الجدوى من مطالعتها, وعلى هذا ستقلبها فورا حتى تصل الى صفحة اليوم التي تنتظر منك ملئها بما تشاء, وهكذا يوما بعد يوم صفحة تلو الاخر حتى تصل الى اخر صفحة لتقرر اقفال الكتاب وكتابة عنوانه..
و تذكر انك لن تستطيع تمزيق صفحة لم تنل اعجابك ولكن بوسعك إلقاء الكتاب بأكمله في النار.