أوروبا وانتظار المعجزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما يحوم زملاؤك في العمل حول مبرد المياه، وهم يناقشون أهمية ما إذا قام ميت رومني بتخويف طفل ما في شبابه، تترنح دولة كانت في السابق من دول العالم الأول تدعى اليونان، وتصبح على حافة الإفلاس. وقد تسأل نفسك لماذا ينبغي لأحد الأميركيين أن يبعد عينيه المرهقتين عن جنيفر لوبيز التي تدور بملابسها الضيقة في برنامج "أميركان أيدول" لوقت يكفي لأن يجعله يكترث؟

والآن، استبدل "البنك الذي تتعامل معه" بـ"اليونان". فجأة، يصبح الأمر أكثر أهمية بقليل، أليس كذلك؟ ماذا لو أن البنك الذي تتعامل معه لم يستطع إقراضك المال أو إعطاءك رهناً عقارياً أو السماح لك بزيادة ديون بطاقات الائتمان، كل ذلك لأنه لم يعد يملك ما يمكنه من تمويل نمط حياتك، بما أن اليونان قررت أن تسحب نفسها أخيراً من جهاز دعم الحياة المالي.

صحيح أن قيمة سندات الدين اليونانية التي تحوزها البنوك الأميركية لا تتجاوز ملياري دولار، وفقاً لدراسة أجراها الاحتياطي الفيدرالي عام 2011، ولكن الأهم من ذلك هو أن تلك البنوك تحوز ما قيمته 34 مليار دولار من السندات الإيطالية والإسبانية. وفي حال عجزت هاتان الدولتان عن السداد، وهو احتمال حقيقي، يشار إليه باسم "العدوى"، فإنني أتمنى لك التوفيق في محاولة إقناع بنكك بتمويل تلك السيارة التي لا تقدر على شرائها.

وذلك لا يعني أيضاً أن البقاء في منطقة اليورو سيمنع الانهيار، بل على العكس فإنه سيعجل بانهيار الدول الأعضاء الأخرى. وقد وقعت منطقة اليورو في هذه الأزمة بسبب الفكرة غير المنطقية على نحو مذهل، التي تقول إن نظاماً ثقيل التكلفة يستطيع أن يدعم نفسه لأجل غير مسمى. وعندما شهدت القوى الأوروبية بزوغ فجر الحقيقة ببطء، اقترحت سلسلة من الزيادات الضريبية اليائسة، ملبسة العديد منها قناع حماية البيئة وتغير المناخ. وكان ذلك الاقتراح ضئيلاً للغاية، ومتأخراً للغاية.

والأكثر إزعاجاً من ذلك كله، هو أن المنطقية والواقعية البراغماتية، مهما كانتا مؤلمتين، لا تزالان توضعان في المقعد الخلفي وراء الرغبات قصيرة المدى. وقد أثبت الناخبون في فرنسا واليونان أنهم مستعدون لتغيير حكوماتهم مراراً وتكراراً، إلى أن يجد شخص ما حلاً لأزمتهم. إنهم يريدون سانتا كلوز، كما لو أنهم عادوا ليبلغوا من العمر 5 سنوات. وهم لا يأبهون بما إذا كان "ماما" و"بابا" مفلسين ولا يملكان المال،

إنني لا أعرف ما يدور في أذهان مناهضي التقشف من اليونانيين أو الفرنسيين أو غيرهم من مواطني الدول الأوروبية المعسرة مالياً، الذين يعتقدون أن هناك بديلاً للتقشف أقل جذرية من تجديد منهجي كامل لحالة الرفاهية والخدمة العامة.

فما هو الحل إذاً؟ إن أفضل ما يمكن حدوثه هو تخفيض قيمة اليورو في سبيل تحفيز الصادرات، وتشجيع المنتجات المحلية على حساب الأجنبية، وزيادة الإنتاج المحلي، على غرار الطريقة التي استفادت بها الصين من تخفيض قيمة اليوان.

ولا يمكن لهذه الفكرة أن تكون أسوأ مما تم تجريبه حتى الآن، وهي تتغلب على فكرة الانتظار إلى حين انتخاب سانتا كلوز.

Email