واقع أميركا السوداء

ت + ت - الحجم الطبيعي

لدى إجراء مسح للمشهد الحالي على الساحتين الأميركية والدولية، أشعر في أحيان كثيرة أننا نعيش في عالم أشبه بشاشة مقسومة إلى نافذتي عرض مختلفتين، وأن إدراكنا للأمور من حولنا يختلف بحسب نافذة العرض الذي ننظر إليها، والتي تغير كل أفكارنا عن الحاضر، وتؤثر بشكل كبير أيضاً على رؤيتنا للمستقبل.

ويتجلى واقع الشاشة المنقسمة هذا بأوضح صورة، في مجتمع الأميركيين الأفارقة. فمن ناحية، هناك صورة كئيبة نرى فيها مجتمع الأميركيين الأفارقة محاصراً بالبطالة الخانقة، وقصص مصادرة البنوك للمنازل بسبب تخلف أصحابها عن سداد أقساط قروضهم، واتساع الهوة في الدخل والثروات والأعداد الكبيرة من الرجال الذين يقبعون في السجون. الإحصائيات في هذا الميدان كثيرة ولا يمكن إنكارها؛ فمعدل البطالة بين الأميركيين الأفارقة 16.2%، أي ضعف ما هو عليه بين الأميركيين البيض.

 وبالنسبة للرجال السود، يرتفع الرقم إلى 17.5%، بينما يقفز إلى 41% بين الشباب السود اليافعين. وبحسب دراسة حديثة أجراها معهد بيو، فإن التفاوت في الثروات وصل إلى مستوى قياسي. فالعائلات الأميركية الإفريقية تملك الآن أقل بعشرين مرة مما تملكه عائلات البيض، حيث انخفض معدل ثروات السود بنسبة 53% بين عامي 2005 و2009.

أضف إلى هذه الأرقام حقيقة أن نحو 5% من الذكور السود يقبعون وراء القضبان، أي أكثر من 840 ألف رجل أسود. ويكفي أن نعرف أن 40% من إجمالي نزلاء السجون في أميركا هم من السود، مع أن نسبة الأميركيين الأفارقة إلى تعداد السكان لا تتجاوز 13%. لكن في المقابل، هناك واقع صارخ آخر يعرض على الشق الآخر من الشاشة، حيث يمكننا أن نرى أول رئيس أميركي أسود وأول مدع عام أسود في أميركا، والنفوذ الكبير لمجتمع الأمريكيين الأفارقة في ميادين الأزياء والموسيقى والرياضة وبقية مظاهر الثقافة السائدة.

ونرى أيضاً تجدد التركيز على المجتمع، بينما يسعى العديد من الأشخاص في مختلف أنحاء البلد، لتلبية احتياجات الناس التي أوجدتها المصاعب الاقتصادية.

أشخاص من أمثال عمر فريلا، رجل الأعمال البيئي الذي راح يرد الجميل للحي الذي نشأ فيه في ساوث برونكس، من خلال مؤسسته تعاونيات العاملين البيئيين، المكرسة للحد من النفايات ومكافحة البطالة.

وهناك أيضاً هانك وليامز، رجل الأعمال التقني اللامع الذي أطلق أخيراً مشروع كلودكو، وهو عبارة عن خدمة إلكترونية تجمع كل ما يحتاجه المستخدم من رسائل بريد إلكتروني، وتويتر ووثائق غوغل وغيرها، في بوتقة رقمية واحدة يمكن الوصول إليها أينما كانت.

إن أكبر نقاط الفراغ في مشهدنا الثقافي، نتجت عن الإهمال المتواصل من جانب الإعلام التقليدي، للقضايا الأكثر أهمية بالنسبة لمجتمع الأميركيين الأفارقة، وعن ندرة تمثيل أصوات وتطلعات ورؤى أبناء هذا المجتمع.

وهنا يأتي دور موقع هافبوست بلاك فويسيز (أصوات السود على هافبوست)، والذي يسلط الضوء على أفضل وألمع المفكرين والكتاب والمثقفين السود، بهدف جعل القضايا المهمة لمجتمع الأميركيين السود جزءاً من حديث الشارع في البلد، لأن تلك القضايا تهم الجميع.

وتشرف على موقع هافبوست بلاك فويسيز ثلاث نساء استثنائيات: ربيكا كارول، التي لها مؤلفات عدة مهمة من بينها أصوات الفتيات السوداوات اليافعات في أميركا، وهي مديرة تحرير الموقع، وكريستينا نورمان، الرئيسة السابقة لمحطة إم تي في والتي ستكون رئيسة التحرير التنفيذية، وسيدة الأعمال شايلا جونسون، التي ستكون مستشارة استراتيجية للموقع.

وعندما تلتئم الجمعية الوطنية للصحفيين السود في فيلادلفيا خلال أيام، سيصبح النقاش أكثر حيوية في العام الجاري.

Email