10 شائعات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشتغل مراكز القرار في الغرب، بطريقة مختلفة عن مراكز القرار في العالم العربي، خصوصاً، عند الأزمات، أو ما قبل اتخاذ قرارات كبيرة أو خطيرة.

يحكي لي دبلوماسي أجنبي سابق، أن عاصمته، وقبل أي قرار كبير أو خطير، تكلف خلية لوضع سيناريو متخيل لعشر شائعات محتملة سيتم إطلاقها عبر الجمهور أو المعارضة، بواسطة وسائل الاتصال الاجتماعي، أو أي طريقة كانت، في وجه ذاك القرار، وهذه الشائعات العشر المحتملة، يتم تحليلها مسبقاً، وتجهيز ردود عليها في وجه محاولات هز القرار أو تغييره أو فرض أي تأثيرات عليه من جانب أي قوة محتملة.

وفقاً لما يقوله، فإن دخول أزمة أو اتخاذ قرار كبير، يستلزم في ذات التوقيت، إدراج ردود ضمنية ومسبقة على الشائعات العشر التي قد تتولد، وعبر هذا الفن السياسي والأمني والإعلامي، يتم إغلاق الباب مسبقاً، وخفض منسوب الخلخلة في الرأي العام.

هذا يفسر أن أغلب دول الغرب لا تعاني كثيراً في إدارة المواقف، فهي مستعدة مسبقاً لهذه الاحتمالات، ولا تجعل أحداً يستدرجها لخانة الانفعال أو التوضيح المتأخر.

الغرب يتخذ أحياناً قرارات كبرى غير شعبية، لكنه ينجح على الأغلب بإدارة الموقف، لأنه لم يتخذ القرار سريعاً، ولأنه قرأ كل المشهد من زواياه المحتملة، وإذا تأملنا، سنجد عشرات القرارات السياسية التي تم إشهارها، كان مفترضاً ألا تكون شعبية، ولكن بسبب التوطئة الذكية، والاستعداد لروايات الخصوم، كانت هذه القرارات تمر برضا كامل.

هكذا استعداد لا يعبر عن تذاكي على الجمهور، بل يعبر عن فهم عميق لطبيعته العميقة، ومخاوفه غير المشهرة، وعن قدرة هائلة على استبصار ردود فعله المتأخرة، وهذا الاستعداد، يمكن حكومات الغرب من صيانة وحدة الجمهور وراء السياسات، وتوظيفه حليفاً قوياً ومسانداً لها.

 

Email