حراس الأجداث

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذات صباح.. حملت نفسي واتجهت صوب المقبرة، عازماً على قبر أفكاري وطموحي، تحركت في جنازة لن يتبع نعشها غيري، أو هكذا ظننت، حملته.. كان خفيفاً غير مثقل بالذنوب، مبتسما هاشا النعش، حيناً أشعر أنه يسخر مني وفي آخر أراه سعيداً بهذه النهاية.. فالكل مصيره أن يقبر، لم أكن وئيد الخطى بل مسرعا أنا.. خطوة تتبع خطوة، وخاطر يجر خاطراً، روحي تموت بلا بواكٍ.

تعب

أتعبني بعد المسافة رغم خفة النعش، أغراني ظل نخلة لا جريد لها لونها أسود كما الفحم.. ظلها كالصوت لا تلمسه لكنك تحسه ناداني الظل، تعال وضع النعش هناك، كنت منقادا إليه فصوته يأتي من طبقة النهايات ياله من شيء. هكذا قلت لنفسي وأنا أزيح النعش عن كاهلي وأمد رجلي في الظل الممدود كما الحية، بدأ الظل يزحف زحفت معه، لسعة برد خفيف ترج داخلي.

انحدار

كلما انحدرتُ إلى داخلي كان الممر أكثر تعرجاً وضيقاً، البرد يزداد، إلى أين يقود هذا الطريق؟، سألت الظل الزاحف فكان رده سل أفكارك، انتبهت إلى أنها مسجاة هناك في النعش تلهبها أشعة الشمس الحارقة، مددت يدي فازدادت طولا وعرضا ظللت النعش، انتحب طموحي وقال:»يالك من رجل قاس، تأتي بنا بلا مشيعين لتقبرنا، تأتي بنا إلى هذا المكان، الذي تزوره العيون بدموعها، وتمشي إليه النفوس بأحزانها، وتجيء فيه القلوب بقايا.

صمت

صمت يلف المكان، وظل النخلة يتمطى ويمضي بي منحدراً حتى وصلنا بركة ذات رائحة نتنة يقف على حافتها رجال شداد غلاظ يحملون سيوفا بدت وكأنها أقلام، يتدفق الصديد منها موضع الحبر، من هم سألت الظل مبتسماً في بلاهة فأنا أعرفهم واحداً واحداً، أحفظ قسمات وجوههم، ووسط دهشتي أجابني الظل: هم (حراس الأجداث) ألا تعرفهم أومأت برأسي هم الذين لا هم لهم سوى حراسة الأفكار الميتة.

 

Email