مناجاة

ت + ت - الحجم الطبيعي

نستغرب من استحكام الغضب فينا، ومن عدم قدرتنا على التسامح، برغم أن عبارة العين بالعين والسن بالسن، هي الاستثناء وليست الأصل.

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كان يتصف بالحلم، حلم مع قوة، في كل ظروفه، وقد قال الله فيه "وإنك لعلى خلق عظيم" وحكايات حلمه لا تعد ولا تحصى، من عفوه عن أهل مكة بعد فتحها، وعفوه عن الرجل الذي أشهر سيفه يريد قتله، وعن اليهودية التي وضعت له السم، في غزوة خيبر، وعدم دعوته على أهل الطائف حين آذوه بالحجارة.

هي أخلاق النبي (ص) ، وهي المعيار الذي يجب أن يحكمنا، فإذا كان هو بقدره ومكانته، وكل التأييد الإلهي الذي معه له يتسم بالحلم، ويعفو عمن آذوه، فمن نحن في المقابل حتى لا نسامح خليقة الله على أذاهم أو هشاشتهم أو مطامعهم؟!.

مناسبة هذا الكلام، هذه الأيام المباركة التي نمر بها، فمع الصلاة والصيام والصدقات، لابد من أن نعفو عمن آذونا، عفو من القلب، مهما فعلوا لنا، ومثلما يدينون لنا، فنحن نحمل أمام الله ذنوباً كثيرة، ونتوسل به إليه أن يعفو عنا، ويسبل علينا من حلمه، والأولى أن نفعل ذلك أولا تجاه من آذونا في هذه الحياة، وان نطرد الغضب من قلوبنا.

أعرف رجلا كلما استعد للنوم، دخل في مناجاة مع الله، يشهده فيها أنه يعفو عن كل الذين آذوه ولايستثني منهم أحداً، راجيا ربه أن يعفو عنه في ذنوبه، وأن يبدل الناس خيرا عن كل حق لهم في عنقه، وكلما فعل ذلك استيقظ مشرق القلب، آمناً.

ما من صفة عظيمة في الإنسان، مثل الحلم والعفو عند المقدرة، ومنح الناس المبررات لوقوعهم في الأخطاء، فالله بعظمته يعفو، وهو العفو الكريم، ونحن لا نعفو ولا نسامح!.

 

Email