لكنه طيب!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسأل عن فلان فيقال لك إنه مسلم لكنه جيد، وعن فلان فيقال لك إنه مسيحي لكنه لطيف، وعن فلان فيقال لك إن أصله من الشمال أو الغرب مثلاً لكنه كريم، وعن فلان فيقال لك إنه من المذهب الفلاني لكنه محترم... والقصة تنطبق على كل الملل والأصول والقوميات والجنسيات.

القصة تكشف حجم العنصرية في تكوين العرب الاجتماعي، بما يناقض الإسلام، أخلاقياً، ووجود تصنيفات ناعمة في بواطن أغلبنا تجاه بعضنا البعض، أو تجاه البشر.

حين يتم الحديث عن شخص ما، والإشارة إليه بكونه من دين معين، أو مذهب محدد، أو أصل عرقي معين، أو من بلد معين، وإلحاق هذه الجملة بكلمتي.. «لكنه جيد»، فإنك تفهم ضمنياً أن بقية جماعته على سبيل المثال غير جيدين.

ثقافة الاستثناء، باعتباره «الطيب» الذي جاد به الزمن وسط قومه الذين لا يمكن أن نحبهم أو نقبلهم، لأنهم سيئون جملة وتفصيلاً!

هذه ثقافة فيها عنصرية باطنية تشكلت بشكل غير طبيعي، والأمر يمتد للحديث عن الجنسيات، دون أن نذكر جنسية محددة، فقد تسأل عن فلان وإلى أي بلد ينتمي، فيقال لك إنه من ذاك البلد، لكنه إنسان طيب مثلاً، وكأن المقصود وسط الإشادة به، استثناء قومه السيئين من الإشادة، باعتباره الاستثناء الوحيد الذي يمكن الإشادة به. دول العالم اليوم وبعض الدول العربية أيضاً، تطورت وتفوقت لأنها أخذت أحسن ما في الأمم، وسوف نكتشف أن أهم ما فيها هو المساواة بين البشر، إذ أخذت هذه الدول أحسن ما في مواطنيها أو الكفاءات التي لديها، أياً كان جذرهم، ولم تصنف الناس إلى تصنيفات وفئات متدرجة، لا عبر القانون، ولا عبر الوعي الجمعي.

العالم العربي يتعرض لتشظية في بناه الاجتماعية في دول الربيع العربي تحديداً، وكل هذه الكراهية بين الناس، تأسست على جذر موروث من التصنيفات العميقة، ولم تنفجر فجأة. لكل هذا فإن حربنا يجب أن تكون على من يتطاولون بأعناقهم على بقية البشر.

Email