الفيتوري الرحال

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين الإحباط والأمل، بين محاولات القبض على الجذور والجنوح إلى الانعتاق خاض الفيتوري تجربة حياتية تراوح بين الخيبات والإحساس بالرضا. هو حال شعره المتأرجح بين الشعارات الهابطة مستوى الخطابة والغناء الصوفي السامي شأو الروح الملتبسة بالوجد.

من رحم الاضطراب صرخ الفيتوري صرخته الأولى من أبوين يرتبك الرواة في الإجماع على تحديد هويتهما. هو اللانتماء الذي طبع سيرة الفيتوري في الأرومة واللامكان.

الفيتوري شاعر مطبوع غير أنه استهدف توظيف شاعريته من أجل قضية سياسية أكثر منها إنسانية فغلب على قصيده الانفعال مع لهيب المشهد السياسي.

بالاضطراب نفسه اقترب الفيتوري وتباعد مع الأنظمة العربية الشمولية. الرياح السياسية ظلت تنفخ في أشرعته عبر العواصم والأمكنة مستثمراً شاعريته في تأمين مرافئ الدفء الحياتي. لهذا ظلت الإقامة فيها عرضة لرضاء الآخرين. هي الرياح نفسها التي ظلت تتحكم في بوصلة الشاعر.

بهذه الرؤى نقارب مسيرة الفيتوري متعدد التجارب العاطفية مع نساء متعددات الجنسيات، كما هو حال تعدد جوازات سفره. هي المقاربة نفسها تجاه ترحاله المشرب بالقلق عبر المكان والزمان.

هي كذلك المدخل لاستيعاب نرجسية الفيتوري المتضخمة في اشتباكاته مع الشعراء من أنداده أكثر مما في الاحتكام إلى ديباجته الشعرية.

كل هذا لا يقلل من مكانة الفيتوري وسط كوكبة الحداثة العربية. هو لم يتحرر من قيود القصيدة التقليدية فقط بل كسر محاورها ودفعها إلى مدارات جديدة.

الفيتوري نجح في الارتقاء بمحاور شعره وديباجته مع الزمن من شعارات الزنوجة إلى النقاء الصوفي درويشاً عاشقاً يزحم بطبوله وراياته الآفاق العربية من الماء إلى الماء.

Email