مجدي.. الأمجد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إن «كل شيء له حظ من اسمه»، ومع أن ذلك ليس صحيحاً بشكل مطلق، إذ هناك «جميل» غير جميل و«نبيل» ليس كذلك.. فإن الزميل الصديق مجدي عبيد، الذي رحل عنا دون وداع أو سابق إنذار، كان له كل الحظ من اسمه؛ مجداً وأرْيَحِية وسعة صدر وتفاؤلاً بالحياة، التي يبدو أنها لا تقابل التفاؤل بمثله، وقد تكافئ المتفائل بغير ما ينتظر!

مجدي عبيد نموذج للشخصية المصرية الأليفة المحببة، بكل ما تحمله من إرث حضاري عميق الجذور، وروح شفافة مفعمة بالحياة وحب النكتة الذي عرف به الشعب المصري العريق.. ولم يكن العزيز مجدي في مزاحه و«قفشاته» ممن يعتبرون الصداقة «فرصة» لقول ما لا يقال، أو لا ينبغي أن يقال، وإنما كان يمزح بمودة ومحبة واحترام لنفسه وللآخر.

عرفته أكثر من عشر سنوات في كنف صحيفة «البيان»، وسمعت الكثير من الإعجاب بعمله وأدائه المهني، ولم أسمع من يشكو منه أو ينتقده مهنياً أو سلوكياً، وهذا نادر، بل بالغ الندرة في مجال عمله ومحيطه المهني. ولذلك لم يكن غريباً هذا الجو المتشح بالحزن والسواد، الذي خيم على مختلف الأقسام التحريرية والفنية فور انتشار خبر الرحيل المفاجئ للزميل مجدي عبيد، الذي كان قبل 24 ساعة يؤدي عمله المعتاد مبتسماً مرِحاً يبث الأمل وحب الحياة فيمن حوله.

وقد يجهل بعض المحدَثين عمق الارتباط المعرفي والوجداني بين مصر وموريتانيا (بلاد شنقيط)، لكني أعتبر علاقتي بالراحل العزيز مجدي عبيد، مثالاً مصغراً لتلك الرابطة التي أرسى قواعدها وأثراها علماء وشعراء ومدرسون ومثقفون كُثْر، على امتداد قرون متواصلة..

رحم الله الفقيد الأمجد في أخلاقه وإنسانيته، وصادق العزاء لأسرته الكريمة وأصدقائه وزملائه، ولكل أبناء وبنات مصر الحبيبة.

Email