ساعة الكاهن

ت + ت - الحجم الطبيعي

يفلسف المـتأمل الهندي «أوشو» المثل المعروف.. «اذ جن قومك.. لن ينفعك عقلك»، فيروي حادثة رآها، بأم عينيه، خلال المذابح والصراعات بين الهندوس والمسلمين، في الهند، في كتابه المعنون باسم «الثائر».

يقول أوشو: كان هناك تخريب وسرقة لمتجر ساعاتي مسلم بعد قتله من قبل مجموعة من الهندوس، وفي المتجر أرقى أنواع الساعات، ووقف كاهن هندوسي على مقربة من الأحداث صائحاً بنبرة غضب على الناس.. ماذا تفعلون؟ هذا ضد أخلاقنا وما تقومون به خطأ.

من ثم أتت المفاجأة، عندما أخذ الناس كل الأغراض الثمينة من المتجر ولم يتبق سوى ساعة جدارية، كبيرة وعتيقة. بمجرد انفضاضهم من المكان اقترب الكاهن منها وحملها على ظهره.

لم أصدق عيني، كان يحاول قبل قليل منع الناس وهذه الساعة كانت آخر ما بقي في المحل. قلت للكاهن.. غريب، كنت تصيح بالناس، هذا ضد أخلاقياتنا، توقفوا، والآن تأخذ أكبر ساعة في المحل، فأجاب: صرخت كفاية ولم يصغ لي أحد، كل واحد منهم أخذ شيئاً.

الأفضل لي أن آخذ هذه الساعة قبل أن يحظى بها أحد غيري، فاقتربت من الكاهن وسألته: ماذا عن ندائك بالأخلاقيات، فأجابني بوجه خجل: عندما لا يكلف أحد نفسه التفكير بهذه الأمور، لم علي أن اكون الضحية الوحيدة هنا؟.

أوشو يفلسف المثل.. اذا جن قومك فلا ينفعك عقلك ويتناسى ان هنا العقدة، فالذين في صدارة المجتمعات عليهم الا يتبنوا هكذا امثال، والا لطغى الجمهور والدهماء وغرائزهم الفوضوية، او ما يمكن تسميته سياسياً اليوم بالشارع، وما يريده هذا الشارع!

على النخبة ان تعاكس الجمهور، وتوقف انفلاته، ولا تنساق خلفه، بدلا من شرعنة الجنون والفوضى ومباركة غرائزية الرأي العام.

Email