الموهبة والجمهور

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم ينطلق رواد الغناء العرب، الذين لا تزال أغنياتهم حية في الآذان والوجدان، من برامج هواة، ولا من تصويت الجمهور عبر الأثير الإلكتروني؛ إذ لم تكن تلك الوسيلة الحديثة، في متناول الجيل العتيق، فلا إمكانات متاحة لإنتاجات، ولا سوق ترويج وإعلانات، ولا سهولة في وسائل الانتقال والتواصل.

أستهلُّ بهذه الكلمات، لأقول: إن الموهبة العبقرية لا يمكن أن تكون خاضعة لتصويت الجمهور ومزاجاته، وتبعاً لحجم البلد، وعدد سكانه، وقوة اتصالاته، بل هي نابعة من مقاييس فنية دقيقة، تراعي عذوبة الصوت وقدراته، وطريقة الأداء، وكيفية الحضور والإطلالة على الجمهور، وهي عناصر لا يمكن للعامة أن يكونوا على بيّنة منها مجتمعة. والأمر في هذا الخصوص، يتطلب آراء ووجهات نظر حكيمة، تكون خلاصة الخبرة في المجال والبعد الأكاديمي.

تصويت الجمهور، الذي لم تعتمده برامج اكتشاف المواهب في مراحلها التأسيسية، عنصراً مقرراً في حسم اللقب والميداليات للهواة والمواهب، ولأسباب تتعلق بتقنيات تلك الحقبة الزمنية، بات التصويت هذه الأيام حاسماً في تحديد الفائز بلقب برنامج ما.

وهنا يجدر التساؤل، هل الخضوع للجمهور أمر لا مناص منه لإنجاح البرنامج والحفاظ على جماهيريته؟

أم أن هناك إمكانية لإخضاع اللقب إلى معايير تحدد فعلاً الموهبة الحقيقية، بغض النظر عن «تثوير» الرأي العام أو تحفيزه للتصويت لهذا أو ذاك، في أحكام تطغى عليها العاطفة أغلب الأحيان؟

خلاصة القول؛ ماذا لو يتجه المعنيون في برامج الهواة إلى مزيد من الدقة في الاختيار، فتضاف إلى لجان التحكيم، قائمة من المتطوعين تضم أبرز العاملين في عالم الغناء والموسيقى والنقاد والصحافيين المتابعين للساحة الفنية، وأن تترك مساحة رأي لجمهور العامة تتوجها «جائزة الجمهور»، بحيث لا يغيب صوت المشاهدين، ولا تقع الموهبة ضحية حماسة و مشاعر وطنية.

Email