الفلوس

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا بد أن الحرية، في بلداننا العتيدة، ليست من الأصول، وإلا فلماذا لم يطلقوا لنا العنان، لنكتب عن المصروف المدرسي حينما كانوا يعلموننا أصول التعبير. كانوا فقط يخيروننا بين: الأم مدرسة، وتأبى الرماح إذا اجتمعن تفرقاً، وبلادي وإن جارت عليّ..

ما هذا؟ ما عسى أن نقول عن الأم سوى ما ينبغي قوله؟، والوطن هل يمكن أن أسجل بحقه ملحوظات؟..

الغريب أن المعلمين، جزاهم ربي خيراً، كانوا أمامنا يركضون وراء (الأرزاق)، التي لم تكن سوى هذا المال، ثم بعد ذلك يحتقرون الفلوس بنعوت فظيعة.. لا تكن مادياً!.

وحين نعود من المدرسة، نكتشف أن الناس يسمونها (الضحّاكات)، هم يقصدون (المضحكات)، لأنها ما إن تنفح لأحدهم، على حين غرة، حتى ينخرط في غبطة تلقائية، وتتزايد بهجته أكثر، بقدر ما يحصل منها أكثر، فإذا أسبغت عليه أم المئة، فجأة، صفعته ابتسامة على خده فتورد، وربما مد خده الأيسر طوعاً، وأما أم المئتين، فيذوب لها حناناً، فما بالك بورقة نضيرة من فئة الألف؟ تحوله إلى ضاحك كبير، بلا أي نكتة.

قالوا: رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مالُ، وأنا شخصياً رأيت بأم عيني الشعوب المحترمة، والدول المحترمة، هي التي تمتلك الفلوس، فترصدها للخبرات والدفاع والرخاء والاستقرار.

ولذلك سأسميها (أزهار البنكنوت)، وسأطالب بعدم ربطها بقسوة، دعوها حرة، لا تحصوها بالآلة، عددوها باليد، ولتخطئوا تكراراً، لا بأس، العقوا أصابعكم مرات من حلاوتها.

الفلوس تمنحنا الثقة، وتسبب السعادة والحلول، بل وتستر عيوبنا، ولن نبالغ كمن قال: من له فلس يساوي فلساً، ولكن متى نكون واقعيين، فنعطي الفلوس حقها؟. أنادي بيوم للفلوس، نتعاطى فيه، حتى الفقير ينفق مما أعطي، ولو على غني. هي مبادرة، وشوفوا مقدار السعادة المنتشرة يومئذ.

Email