السباق نحو الهاوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحول السعيد إلى سعير، ودخل اليمن منزلقاً جديداً بعد استقالة الرئيس والحكومة، وانهيار مؤسسات الدولة، وعجز القوى السياسية والمجتمعية عن إنقاذ البلاد من السقوط في هاوية الفوضى والاحتراب الداخلي، والصراعات الإقليمية والدولية التي عصفت باليمن، وتهدد السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها.

لكن اليمن ليس الأول، ولن يكون الأخير في السباق العربي نحو هاوية الفشل والفوضى والدمار، كما تتسابق الفراشات إلى لهيب النار والفَناء المحتوم. لقد استطاعت تونس أن تلتقط أنفاسها، ومصر ما زالت تقاوم، لكن ليبيا خرجت عن السكة نهائياً، حتى إشعار آخر، وسوريا على حافة الانهيار والتفتت، والعراق سبق الجميع إلى نفق الانقسام والتمزق الطائفي والعرقي، وحتى «المناطقي» بين مختلف الأقاليم والمحافظات، ولبنان يصطلي بكل حريق يشب في المنطقة، وفلسطين باتت خارج الحسابات والأولويات. أما الصومال فقلّ من يذكره أصلاً، أو يتذكر أنه عضو من أعضاء ما كان يعتبر «بيت العرب» أو «جامعة عربية»!

ليس هذا فحسب، فالدول العربية الأخرى إما مهددة ببراكين داخلية قابلة للانفجار في أي وقت، أو محاطة بحرائق من جهات عديدة ليس من السهل أن تظل بعيدة عن شرَرِها المتطاير. لكن سلاح الدمار الأشمل والأعنف، الذي يتهدد العرب والمنطقة كلها، وربما العالم، هو سرطان الطائفية والنزعات المذهبية والإثنية، بل والفئوية داخل الإطار الإثني أو المذهبي الواحد.

ومهما كان خطر «الإرهاب» المصنّع، والمصدّر غالباً، فإنه يظل حالة سطحية عابرة، لا تقاس بتأثير ومفاعيل القنبلة النووية الطائفية أو الإثنية، حين تنفجر في نسيج مجتمعي تشكل عبر قرون وأجيال عدة، ومن الصعب، بل يستحيل، أن يعاد بناؤه وتركيبه مجدداً كما كان.

آن للعرب أن يكُفوا عن الانتحار الجماعي، وأن يُعيدوا حساباتهم ويُراجعوا أفكارهم وسياساتهم، عسى ألاّ يكون قد فات أوان المراجعة وتصحيح المواقف.

Email