هل نحتاجها؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش العالم حالة فوضى غير مسبوقة في التاريخ المعاصر، من حيث الاتساع والشمولية وغياب قوة، أو قوى متعددة، قادرة على ضبط إيقاع هذه الفوضى والتحكم في آثارها وتداعياتها المدمرة التي تهدد المصير البشري، في عالم لم يتوحد في شيء .

كما توحد في انعدام الأمن والاستقرار، أو «حالة السيبة» كما وصف بعض المصلحين حالات مشابهة في مراحل سابقة، ولكن في نطاق أضيق على مستوى منطقة محدودة أو بلد بعينه، و«المال السايب يعلم السرقة» كما يقال.

في هذا الوضع الأشبه بحالة «حرب عالمية» ولكن «بالمفرق» ودون أفق للنهاية، هل يحتاج العالم إلى حرب عالمية «بالجملة» لأمد محدود، تعيد خلق موازين قوى جديدة ووضع أسس لعالم أكثر أمناً واستقراراً، ولو إلى حين، كما حدث بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، رغم ما حصل فيهما من مجازر وفظاعات كريهة؟!

تساؤل مغرق في التشاؤم فعلاً، لكن ما البديل؟ أما السؤال الأصعب فهو؛ من يجرؤ على تلك الحرب؟ لقد سخّر العالم، على مدى عقود، معظم موارده وإمكانياته البشرية والعلمية والمادية، لإنتاج وتكديس أسلحة دمار وهلاك لم تعرف البشرية مثلها من قبل، فمن يتجرأ على خوض حرب شاملة بهذه الأسلحة القادرة على إبادة كل أشكال الحياة على الأرض، آلاف المرات وفي مدى زمني قصير؟!

يبدو أننا ما زلنا في ذات الحلقة المفرغة من الحيرة والتساؤل، لكن المؤكد أن البشرية لا تستطيع البقاء، في كل الأحوال، تحت ضغط الفوضى والحرب الشاملة بالتقسيط، وبلا نهاية منظورة.

في الماضي شاع في الأدب العربي (أيامَ الأدب)، بيت الشعر «لا يَصلُح الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم * ولا سَراةَ إذا جُهّالُهم سادوا»، وما زال هذا الحكم سارياً، والسؤال قائماً: ما البديل؟

Email