حكاية فوق فلسطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الضباب يلون عمّان، والجو بارد، وطائرة الهليكوبتر العسكرية الأردنية في مطار عمان، تنتظر إذن التحليق في اتجاه رام الله. منذ التاسعة صباحاً ونحن ننتظر، والإسرائيليون يؤخرون الإقلاع، بذريعة الجو. بدأ الضباب ينقشع عند الظهيرة، وصوت المروحية يهدر في المكان، حتى بدأت بالتحليق، ونحن فيها ثلة صحافية تستبق زيارة ملك الأردن لرام الله.

دقائق وكنا فوق نهر الأردن، وعبر نافذة الطائرة شاهدنا الهليكوبتر الإسرائيلية تنتظر ما بين السماء والأرض، إذ ممنوع التحليق دون مرافقة، والطيار الإسرائيلي يستمتع بقيادة طائرته فوق الضفة الغربية على شكل دوائر كبيرة، ونحن ندور خلفه من دائرة إلى دائرة، دون سبب مفهوم سوى التلذذ بإضاعة الوقت في وجه مقدمة الوفد الرسمي، ومن كثرة الالتفاف الدائري كاد بعضنا أن يغمى عليه قهراً.

إحدى عشرة دقيقة، من عمان إلى رام الله، بما فيها دوائر الطيار الإسرائيلي، والهبوط في مطار المقاطعة الفلسطينية، وغداء مع الرئيس، بعد إلغاء زيارة الملك، جراء اضطرابات الجو، وإشارات الإسرائيليين غير المريحة يومها.

عدنا ليلاً إلى عمان، وصورة واحدة عالقة، وما زالت مفيدة في قراءة المستقبل. فكل الأرقام عن الأراضي المصادرة في الضفة، وبناء المستوطنات، في كفة ورؤيتك عبر الهليكوبتر لأطواق المستوطنات أمر آخر، فلا جبل دون مستوطنة، ولا مدينة فلسطينية دون سوار من المستوطنات، والذي يرى بعينه، من فوق، ليس كمن يسمع.

كلما أتابع التصريحات عن «حتمية إقامة الدولة الفلسطينية»، أتذكر هذه الدقائق الإحدى عشرة، من عمان إلى رام الله.. فعن أي دولة يتحدثون؟ وفي أي مكان سوف تقام، وسط غزو المستوطنات، وتقطيع الضفة الغربية متراً متراً؟! لن تقوم الدولة الفلسطينية، لأن الجغرافيا الحالية لا تسمح بذلك.

Email