ليست بأيدينا!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرى لباسها غير محتشم في الشارع فيشتمها بأبشع الألفاظ، ويرى جاره لا يصلي فيؤكد أنه سيذهب إلى جهنم، وثالث لا يصوم فيحتقره دون سؤال أو جواب.. ومصيبة المسلمين، هي في تلك الحسميات التي نصف بها بعضنا، ومآلات الإنسان سلطة يختطفها كثيرون، فهذا إلى الجنة وذاك إلى النار، ورغم أننا نعرف أن ذلك أمر الله، إلا أننا نزاحمه ونصدر الشهادات.

بدلاً من إهانة العاصي، أو مس أعراض الناس، أو اختطاف سلطة الحكم على مآلاتهم، فإن الأصل هو الحسنى، وكثرة تراها متدينة وهي عند الله غير مقبولة، من جراء غرور الطاعة وكبر النفس، فيما كثرة من العصاة، مكانتهم لا يعلمها إلا الله، من جراء استغفار الليل والانكسار والخوف وصدقة السر او العلن.

لا يعني هذا شرعنة المعصية أو إباحتها، إذ هناك قواعد واضحة للثواب والعقاب، ورغم هذه القواعد يأتي الحكم الإلهي النهائي وفقاً لما يشاء الله، لا وفقاً للقواعد وحسب.

كان للإمام أبي حنيفة جار سكير فاسد، نصحه حتى تعب من كثرة نصحه فتركه، وذات يوم طرقت الباب زوجة السكير تدعو أبا حنيفة لصلاة الجنازة على زوجها السكير، فرفض، فتم دفنه، وفي منامه جاءه السكير وهو يتمشى في بساتين الجنة.

ويقول: قولوا لأبي حنيفة الحمد لله لم تُجعل الجنة بيده، فلما أفاق سأل زوجة السكير عن حاله فقالت: هو ما تعرف عنه، غير أنه كان في كل يوم جمعة يطعم أيتام الحي ويمسح على رؤوسهم ويبكي ويقول: «ادعوا لعمكم»، فلعلها كانت دعوة أحدهم.. فندم إمامنا الجليل أشد الندم.

في الدين وسائل وادوية يلجأ إليها الإنسان لإطفاء غضب الله عليه، وهي وسائل أباحها الله، لأنه أجل وأعظم من انتظار خطيئتك ليعاقبك عليها، فالله عز وجل أرحم بالناس، من الناس بالناس.. هذه هي الخلاصة.

Email