الاعتراف بالأشباح

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أحد يعرف يقيناً، سوى الذين اخترعوا »داعش«، هوية وماهية هذا التنظيم الشبحي الهمجي، الذي استطاع خلال أيام معدودة وبسرعة قياسية مريبة، أن يجتاح مناطق واسعة من العراق وسوريا، بما فيها مدن كبرى ومحافظات بكاملها، وسرعان ما أعلن دولته الخلافية الموهومة، التي سماها »دولة الخلافة الإسلامية«. لكن المريب أكثر، هو مسارعة البعض إلى الاعتراف الإعلامي والعملي بهذه »الدولة« الداعشية المزعومة، والإصرار على ربطها بالإسلام الحنيف، رغم معرفة الجميع بأنها ليست دولة وليست إسلامية، بل إن المتضرر الأكبر من الدواعش ودعشهم الإجرامي الأعمى، هو الإسلام عقيدة وشريعة، والمسلمون جميعاً ومن كل المذاهب، رغم بشاعة الجرائم التي مارسها الدواعش ضد الأقليات الدينية والعرقية في هذين البلدين المنكوبين.

فلماذا هذا الاعتراف المجاني (ظاهرياً على الأقل) بعصابة إجرامية مجنونة؟ ولماذا الإصرار على تعبير »الدولة الإسلامية« عند الحديث عن هذا التنظيم الوحشي الشبح، في البيانات والتصريحات على أعلى المستويات الرسمية الغربية، أميركيا وأوروبيا، وفي وسائل الإعلام الغربية والعربية على السواء؟ ولماذا في الإعلام العربي تحديداً؟!

الإعلام لم يعد مجرد سلطة لكشف الحقائق ونشر المعلومات، بل صار سلاحاً حربياً بكل معنى الكلمة، وربما السلاح الأول والأهم في الكثير من المعارك والحروب، وحين يُلصِق الإعلام صفة معينة بموصوف ما، أو يتبنى مصطلحاً محدداً ويصر عليه، وخاصة في مجال السياسة والأمن، فلا بد أن هنالك هدفاً أو عدة أهداف يريد تحقيقها، وإلا فهو إعلام ببَّغائي ساذج. أما حين يكون التبني الإعلامي مقترناً بمواكبة رسمية علنية، وعلى مستوى رؤساء دول وحكومات من عيار الرئيس الأميركي ورئيس وزراء بريطانيا، فالأمر في حده الأدنى، محير ومريب! وواجب الإعلام العربي أن يحدد موقفه وموقعه، إما مع جمهوره وأمته، أو في الطرف الآخر من المعادلة.. فأي الخيارين سيختار؟

Email