"ريجيم" إعلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن »البدانة« لم تعد قاصرة على الأشخاص، رغم التحذيرات الكثيرة والمستمرة من مخاطرها الصحية على المجتمعات التي تعاني منها، وليس على الأفراد فحسب، فالقنوات الفضائية عموماً والعربية خاصة، باتت تعاني من حالة »بدانة مفرطة«، وبعضها تورّم غير حميد، سواء بالنسبة للقنوات الإخبارية، أو القنوات التي تعتبر التسلية والترفيه وظيفتها الأساسية.

لقد أفرطت الفضائيات الإخبارية في »التهام« وعرض مشاهد العنف والدماء والدمار، إلى حد بدت فيه هذه المشاهد المرعبة كأنها برامج تسلية، من حيث كثرة وتكرار عرضها على مدار الساعة، دون مراعاة لمواعيد البث وتأثيرها على المتلقين، وخاصة الأطفال وصغار السن. بالطبع واقعنا العربي للأسف هو هكذا في معظمه، ومن حق القنوات الإخبارية، بل من واجبها المهني عرض الحقائق والوقائع كما هي (وإن كان القصد محل شك في كثير من الأحيان)، لكن من واجبها أيضاً مراعاة مجتمعها ومشاهديها، وعدم إغراقهم في أجواء من العنف الدموي طوال ساعات الليل والنهار.

أما القنوات »المنوعة« كما تعتبر نفسها، فمشكلتها ربما أكبر ولكن في اتجاه آخر، حيث هبطت ببرامجها إلى مستويات دون الأدنى من الهزل والهزال، ومن الاستهانة بالمشاهدين وبالذوق العام، ليس أخلاقياً ومجتمعياً فحسب، بل فنياً ومهنياً أيضاً، وكأنه لم يعد هناك أي نوع من المعايير تخضع له أو تراعيه مثل هذه القنوات المصنفة »إعلامية«!

قطعاً، لا يمكن ولا يجوز التعميم، فهناك دائما استثناء من كل قاعدة، ولا نريد استدعاء نسب اللامعقول التي اعتدناها في بعض الانتخابات العربية من نوع 99.99%، لكن النسبة عالية بالتأكيد، وتستوجب »ريجيماً« عاجلاً وفعالاً من القنوات المعنية، فـ»كل شيء تجاوز حدَّه انقلب إلى ضدِّه«، وليس بعد الترهل إلا أرذل العمر.. ثم النهاية الحتمية.

Email