فلْيحصُدوا ما زَرعُوا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد أشلاء الأطفال وجثث الضحايا من النساء وكبار السن، تلفت انتباه الكثيرين، أحرى أن تثير غضبهم أو تستفز مشاعرهم الإنسانية، فالإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة الإسرائيليون، ومن تصهين معهم أو تجاوزهم في الصهينة، أصبحت أمراً عادياً، بل ربما مسلياً للبعض! ولتذهب غزة وأهل فلسطين كلها، فريسة لمصاصي الدماء وأكَلة لحوم البشر.

لكن مهما أوغل الصهاينة في سفك دماء المدنيين العُـزَّل، أطفالاً وغير أطفال، فلن يقضوا على كل أطفال فلسطين ولن يبيدوا أطفال العرب أجمعين، فماذا سيفعلون مع جيل كامل ولد من رحم الموت وعاش طفولته بين الجثث والأشلاء، حرباً بعد حرب وعدواناً بعد عدوان؟

 ماذا سيحصدون من جيل زرعوا فيه الكراهية والحقد وغذَّوه غضباً وتمرّداً ونزعوا منه كل أسباب الخوف والتردد؟ جيل لم يعرف سوى الدم والنار ومشاهد الدمار، ولا يحلم سوى بالبطش والانتقام.. جيل تجرّع تواطؤ «المجتمع الدولي» ونفاقَه، وتخاذلَ كل من كان فيه أمل موقف مساند أو مجرد استنكار!

هكذا أراد الصهاينة أن يزرعوا مزيداً من الغضب والانتقام جيلاً بعد جيل، وأن يحفروا قبورهم بأنفسهم.. فليحصدوا ما زرعوا، إن لم يكن اليوم فغداً وبعد غد، وليشبعوا بأشلاء التفاوض وأوهام السلام، بل وعروض الاستسلام، التي لم تزدهم إلا غطرسة جنونية وعدواناً همجياً تأبى الوحوش البرية أن تقترف مثله.

وربما يستحق الصهاينة أن نشكرهم، لأنهم فعلوا بأنفسهم ما لم نستطع فعله بهم..

فكلما انغمسنا أكثر في وحل الخضوع والخنوع، ابتدعت أذهانهم الإجرامية المريضة، أسباباً جديدة لتعميق الغضب والتمرد ورغبة الانتقام، بعدوانيتهم الهمجية ونهَمِهم الدموي، فلينتظروا عاصفة الغضب وعاقبة العدوان، وليبلعوا رماد ما أحرقوه من أوراق التفاهمات والمفاوضات والمبادرات.. فقد ولى زمن الخضوع والخنوع والأوهام.

Email