جوع الذئاب!

ت + ت - الحجم الطبيعي

التطهر في رمضان، ليس مجرد استغفار ولا صيام ولا صدقة، ولا صلاة وحسب، إذ عليك أن تفتح دفاترك القديمة، وتسوي كل الحسابات العالقة مع الله ثم مع خلق الله، ممن عليك حقوق لهم تتعامى عنها.

ذات مرة خرج أهل حي في مدينة عربية، على صوت عجوز يصرخ ليلا بألم، وجميعهم يعرفونه، لأنه جارهم، وإذ بأولاده السكارى قد حملوه وطردوه ورموه عند حاوية للنفايات، بعد أن عذبوه.

جن جنون أهل الحي، على مشهد العجوز والكل يريد أن يصطحب العجوز الى بيته حتى يؤويه، فما قبل الرجل، وقال لهم: دعوني هنا، فهذا مكاني الطبيعي، فقد فعلت مثلما فعلوا قبل سنين طويلة! سألوه عن السبب، فأجاب أنه قبل خمسين عاما وبإلحاح من زوجته لقرفها من مرض والده العجوز المريض، قام بحمل والده ورماه عند مكب نفايات القرية.

والده آنذاك ضرير، وقد أقنعه ليلتها أنه ينقله لزيارة قريب، حتى مات الرجل فوق موقع نفايات القرية آنذاك.

لأن الحقوق لا تغيب، علينا أن نتذكر أول هذه الحقوق، حقوق الأمهات والآباء الذين هجرهم بعضنا، ويبخل عليهم البعض الآخر، ويرى فريق ثالث أنه يتصدق على والديه، من بقايا ماله، لا من رأس ماله.

لا حساب يغيب، وحقوق والديك عليك، وحقوق الآخرين، سوف تسددها برضاك أو بغير رضاك، والأولى أن تسددها برضاك وأنت بصحة ومنعم، قبل أن يأتيك سدادها وأنت مقهور ضعيف.

التعامي عن حقوق الاخرين، من الوالدين، مرورا بعائلتك، وصولا الى العامل الذي قد تهضم حقوقه، يسلبك كل شيء، وكلنا يعرف ان الذنوب يتم غفرانها يوم الحساب باستثناء حقوق الآخرين.

دون ذلك.. صيامنا لا يختلف عن جوع الذئاب في البرية!

Email