مقاصد الصيام

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعد المسلمون لصيام رمضان كل عام، باعتباره الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، لكن معظم الاستعدادات مظهري شكلي، ومجرد توقف عن الأكل والشرب نهاراً، ليتسابق الصائمون فور غروب الشمس إلى التهام أضعاف ما كانوا يتناولونه قبل رمضان، ومن دون أن يغير الصيام شيئاً في نفوسهم وتصرفاتهم، بل إن البعض يكون في رمضان أضيق خُلُقاً وأكثر عصبية مما كان قبله.

مقاصد الصيام في رمضان أوسع وأعمق من مجرد الجوع والعطش بضع ساعات في اليوم، وهذا ما أوضحه الحديث الشريف: «من لم يدَعْ قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشَرابَه»، وفي حديث آخر «رُبَّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوعُ والعطش..»، والقصد واضح في الآية الكريمة: ((كُتِب عليكُم الصِّيام كما كُتِب على الذين من قَبلِكم لعلَّكم تتّقون))، والتقوى ليست الجوع والعطش، وإنما هما وسيلتان للتربية والتمرين، فرمضان بمثابة دورة تدريبية سنوية، لتعزيز وترسيخ قيم التراحم والتكافل والإيثار، وليشعر الإنسان بحاجة أخيه الإنسان الذي لا يجد ما يسُد حاجته من الطعام والشراب، وليتعلم الصائم من صيامه قيمة الصبر، والقدرة على مواجهة المشقات ومجاهدة النفس والشهوات.

لا معنى ولا ضرورة للصيام، إن لم تتحقق معانيه الروحية والنفسية ومقاصده التربوية والقِيَمِية، ولذلك قال الله تعالى في حديث قُدسي «الصومُ لي وأنا أَجْزي به»، لأن الصوم عبادة ذاتية، وإيمان داخلي، ولا يعلم حقيقة الصائم ومدى صدق نيته إلا علاّم الغيوب، والصدق مع الذات ومع الآخر، في السلوك والمعاملات، من أهم معاني رمضان ومقاصد الدين الحنيف، فـ«الدين المعاملة»، و«أول ما يوضعُ في الميزان حُسن الخُلق».. صوماً مقبولاً وإفطاراً هنياً، وكل رمضان ونحن أكثر صدقاً وأحسن أخلاقاً.

Email